للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها جرادة من ذهب طلباً لدفع مضار الجراد، فسرقت من هناك، فلم يزل الجراد من حينئذ ظاهراً عندهم فاشياً.

ويزعمون (١) أن البقر كانت لا تعتل عندهم ولا يقع فيها الموتان العام لها في بعض الأعوام حتى وجد في بعض الأسس من مباني الأول ثوران من صفر، أحدهما أمام صاحبه ينظر إليه، فلما انتزعت من ذلك الموضع وقع الموتان في البقر عندهم ذلك العام.

وللورقة الفحص الذي لا يعلم في الأرض مثله وهو المعروف بالفندون المتصل بفحص شنقنيرة (٢) ومسافة ذلك خمسة وعشرون ميلاً وكان قدم (٣) قرطبة أيام الأمير محمد قوم من وجوه المضرية واليمانية بتدمير فسألوهم عن هذا الفحص فذكروا فضله ونمو ما يزدرع فيه فأكثروا وقالوا: إن الحبة تتفرع من أصله ثلثمائة قصبة، فأنكر ذلك بعضهم فكذبه، فوجهوا رسولاً أمروه بإغذاذ السير وبحمل أصول من ذلك الزرع، فأحضرها، فأحصي في كل أصل ثلثمائة قصبة وأكثر في كل قصبة سنبلتها.

وبقرية تارة (٤) من قرى لورقة عين تخرج من حجر صلد تجري في قناة منقورة في الحجر، عمقها أكثر من قامة نحو ميلين، ثم يتصل بنقب في الحجر الصلد ومناهر (٥) مفتوحة إلى أعلى الجبل لتنفيس الهواء (٦) ثم تفضي إلى بيت في داخل الجبل ظليم ممتلئ ماء، والجبل كله معتمد على أرجل، ومن دخل إليه لا يعلم ما وراء تلك الأرجل.

لوشة (٧) :

بالأندلس من أقاليم البيرة، بينهما ثلاثون ميلاً وبها جبل فيه غار يصعد إليه، وعلى فمه شجرة، وهو في حجر صلد عمقه نحو قامتين، فيه أربعة نفر موتى لا يعلم أول أمرهم ولا وقت موتهم يذكر الأبناء عن الآباء أنهم ألفوهم هكذا إلا أن الملوك والولاة لم يزالوا يراعون أمورهم ويتعهدون تجديد أكفانهم ولا توضع عليهم إلا بعد أن تقطع فيها قطوع كثيرة لئلا يطمع الفسقة في الانتفاع بها فيخلعونها عنهم. وهو غار موحش مظلم مهيب لا يدخله إلا رابط الجأش جريء النفس.

وكان صاحب (٨) بياسة عبد الله المعروف بالبياسي من بني عبد المؤمن لما ضايقه العادل في سنة اثنتين وعشرين وستمائة استعان بالنصارى وسلم لهم بياسة ودخل قيجاطة (٩) بالسيف وسار بالعدد إلى لوشة هذه فقاتلهم أشد قتال وسلط عليهم عدو الدين فقتلوا فيهم أشد القتل، ثم سار إلى بيغو من عمل غرناطة فاحتوى عليها بعد شدة.

اللؤلؤة (١٠) :

موضع في بجاية، وهو أنف من الجبل قد خرج في البحر متصل بالمدينة، فيه قصور من بناء ملوك صنهاجة، مشرف نزيه، فيه طاقات مشرفة على البحر، عليها شبابيك حديد أبوابها مخرمة محلاة، ومجالسها مقرنصة وحيطانها بالرخام الأبيض من أعلاها إلى أسفلها، قد نقشت أحسن نقش ونزلت بالذهب واللازورد وكتبت فيها الكتابات المستحسنة، وصورت فيها الصور المليحة.

وحكي أنه وجد على قبر باللؤلؤة:

ركب المنية بالبرية يوجف ... فعلام أحذر أو لماذا آسف

عجباً للؤلؤة حوت بحر الندى ... عكس القضية ليس هذا يعرف

لونيا (١١) :

جبل في أرض زغاوة من أرض السودان، عالي الذرى صعب المرتقى، ترابه أبيض رخو، وفي أعلاه كهف لا يقربه أحد إلا هلك، ويقال إنه فيه ثعبان يلتقم من اعترض مكانه على غير علم منه بذلك، وأهل تلك الناحية يتنحون عنه ويخافونه، ويقال إن بهذا الجبل حيات قصاراً، في رأس كل حية منها قرنان ويقال إن به حيات ذوات رأسين، ويقال إن نهر كوكو يخرج من جبال لونيا ويمر في جهة الجنوب حتى يمر بكوكو فيجوزها ويمر في


(١) ناظر أيضاً إلى المصدر السابق.
(٢) ع: شنقشرة؛ ص: سنقسرة، وانظر عنها آثار البلاد: ٥٣٤.
(٣) منابع في مجمله للعذري.
(٤) بروفنسال: تازة، وما ورد في ص ع هو عين ما ورد عند العذري.
(٥) ص ع وبروفنسال: ومناهد.
(٦) العذري: لدخول الضوء.
(٧) بروفنسال: ١٧٣، والترجمة: ٢٠٨ (Loja) ، وانظر الزهري: ٩٤ حيث فصل في ذكر هذا العار كثيراً؛ وآثار البلاد: ٥٠٢، والغرناطي: ١٢١.
(٨) ورد هذا في مادة ((قيجاطة)) .
(٩) ص ع: قيجاطة.
(١٠) الاستبصار: ١٣٠.
(١١) الإدريسي (د/ ب) : ٣٤، ٣٨/ ٢١، ٢٤ (OG: ١١١) .

<<  <   >  >>