للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لخط الأندلس الأقصى، وهي مجاورة لبلد افرنجة والصقالبة، وطولها مسيرة عشرين يوماً، وهي كثيرة الخيل والماشية، وهي مخصبة من السلت والخرطال، وهي قليلة القمح والعسل وليس بها كرم، واللحم أكثر شيء عندهم يباع الكبش الكبير بثلاثة قناشير، والبقرة الجيدة بعشرين قنشاراً، وإذا استجادت المرأة منهم الصوف مشطت الشاة كل صباح ودهنت صوفها بشحم الخنزير فيلين الصوف ويأتي كالحرير فيتخذون منه الثياب الفيروزجية المستعملة في بلاد افرنجة، وأهلها وإن كانوا شجعاناً فليسوا بفرسان على كثرة خيلهم، وهم ينزلون عند اللقاء، ولباسهم ضيق مفرج كلباس الجليقيين، ولا بد لكل واحد منهم، شريفاً كان أو وضيعاً، من طوق يكون عرضه قدر أربع أصابع وطوله قدر ثلاثة أذرع، فإن كان شريفاً كان منسوجاً بالذهب وكذلك جميع تفاريج ثيابه، وليس لأكلهم حد ولا لنومهم وقت معلوم، ويقومون في الليل مرتين وثلاثاً فيأكلون ويشربون، وليس في الأرض أحد أحب في حلي الذهب من الشاشين، فإن الرجل منهم لا يكاد يخلو من سواري ذهب لا يفارقه فإن ضعف عنهما فواحد، فإن دار عليه غرم أو نابته نائبة أو مال باع داره وعقاره ورقيقه وماشيته ولم يبع سواريه ولا فارقهما.

ومن الغريب بجزيرة الشاشين (١) الطائر الذي يسمونه ماركروه، ومعناه في لسانهم المتخلق في البحر، وذلك أنه ينبت في هذه الجزيرة جنس من الشجر على شاطئ البحر، فإذا انهارت الأجراف هناك وسقط في البحر لم يزل يضطرب في الأمواج حتى يعلوه طخاً أبيض في خلق بيض الطائر، ثم لا يزال كذلك حتى ينفرج عن فرخ طائر وصورته ملصق الرجلين والمنقار في ذلك العود ثم يكتسي ريشاً وتنفصل رجلاه ومنقاره عن ذلك العود فيصير في الأحياء إلا أنه لا يفارق الماء، وطيرانه مع سطح الماء، فإن فارق الماء دقيقة مات، ولذلك لا يصاد حياً لأنه إنما ينصب له هنالك عند جزر الماء فيعاوده الماء في الشباك.

ويقال إن غليالم أتي إليه بعود قد تعلقت فيه جملة من هذا البيض فأمر بقبة كبيرة، فملئت بماء البحر، وطرح فيها العود ثم ترك على الصفة التي ذكرنا فتحولت الطير من العود وصارت في الماء داخل القبة فوقف على ذلك مشاهدة، وهو طائر أسود يشبه الطائر الذي تسميه العامة الغطاس.

[شابل:]

جزيرة في البحر الصنفي معمورة مجتمعة الأهل، فيها حنطة وأرز وموز كثير وقصب سكر، وبها سمك كثير لذيذ الطعم يغني أكله عن اللحم.

شاوة (٢) :

جزيرة بقرب البحر الكبير المحيط بالجهة الغربية من كرة الأرض، يقال: إن ذا القرنين نزلها قبل أن تدخلها الظلمة وبات بها، وكانوا يرمون بالحجارة، وأوذي بذلك جماعة من أصحابه.

شارية (٣) :

مدينة من مدن طبرستان، وهي المدينة العظمى هنالك التي كان ينزل بها الولاة، وبها نزل محمد بن طاهر وكذلك سليمان أخوه بعده، ولديها بناء حسن لم ير مثله، وهما مدينتان متقابلتان بينهما أربعة فراسخ، الواحدة في سفح الجبل والثانية مما يلي البحر.

الشاقة (٤) :

بلدة بجزيرة صقلية على ساحل البحر مشرفة بها عمارات وأسواق ومتاجر وديار كثيرة، وهي أم الأقاليم التي تليها والأعمال التي حولها، ومرساها أبداً معمور، والسفر إليها من إفريقية وطرابلس أبداً كثير. وعملها هو عمل قلعة البلوط، وقلعة البلوط (٥) حصن منيع عالي (٦) الذرى شامخ صعب الارتقاء له بواد شريفة خصيبة وضياع طيبة وأصناف من الثمار غريبة. وبها عيون وأودية عليها كثير من الأرحاء، وكان بها خلق كثير فانتقلوا إلى الشاقة ولم يبق به إلا رجال قلائل يحرسونه عن من يريده، ومن هذه القلعة إلى البحر اثنا عشر ميلاً، ومنه إلى الشاقة سبعة أميال، ومن الشاقة إلى مازر (٧) مرحلتان.

[شامة:]

بالميم، جبل على بريد من مكة، وهو الذي عناه بلال رضي الله عنه في قوله (٨) :


(١) ص ع: الشاشيين.
(٢) نزهة المشتاق: ٧٣ (ساوة) .
(٣) هي ((سارية)) - بالسين المهملة عند ياقوت -، وهي إلى الشرق من آمل. وانظر المقدسي: ٣٥٩، وهي كذلك عند سائر الجغرافيين مثل ابن حوقل والكرخي، ولم يثبتها أحد بالشين.
(٤) الادريسي (م) : ٣٢ (Sciacca) .
(٥) Caltabellotta.
(٦) ع: عال.
(٧) ص ع: هارز، هازر.
(٨) انظر معجم ما استعجم (هرشي) .

<<  <   >  >>