للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسيل على ثيابه، ذكر ذلك أبو جعفر المرزباني في رسالة له في تفضيل الكلب على الصديق، ولأبي نواس أو غيره:

ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس

مساحب من جر الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان جني ويابس

ولم أدر منهم غير ما شهدت به ... بشرقي ساباط القفار البسابس الأبيات.

سامة (١) :

من أعمال غانة ببلاد السودان، ويعرف أهلها بالبكم، وبينها وبين غانة مسيرة أيام، وهم يمشون عراة إلا أن المرأة تستر فرجها بسيور مضفورة، ونساؤهم يوفرن شعر العانة ويحلقن شعر الرأس، وحدث رجل ممن دخل تلك البلاد أنه رأى منهن امرأة وقفت على رجل من العرب له لحية عظيمة طويلة، فتكلمت بكلام (٢) لم يفهمه العربي، فسأل الترجمان عن مقالتها، فأخبره أنها تمنت أن يكون شعر لحيته في عانتها فغضب الأعرابي وأوسعها سباً، ويورث الرجل منهم أكبر بنيه ماله كله ويحرم الصغير (٣) ، ولو كان أحب إليه، ولهم حذق بالرمي، ويرمون بالسهام المسمومة.

الساحل (٤) :

بعمل القيروان، وليس بساحل بحر، بل هي بلاد وقرى كثيرة السواد من الزيتون والشجر والكروم، وهي قرى يتصل بعضها ببعض.

سابور (٥) :

مدينة من مدن فارس، بناها سابور أحد ملوك الفرس الساسانية وسميت باسمه، وهي إحدى البلاد التي كانت عليها حروب المهلب مع الأزارقة، وهي تضاهي اصطخر في هيئتها

وأبنيتها لكن سابور أكثر بشراً وعمارة وأهلاً وأوفر حالاً، وبها جامع ومنبر.

وحكوا (٦) أن المهلب بن أبي صفرة وعبد الرحمن بن مخنف قصدا الأزارقة برامهرمز بكتاب الحجاج إليهما بذلك، فأجلوهم عن رامهرمز حتى أزالوهم، وخرج القوم كأنهم على حامية حتى نزلوا بسابور بأرض منها يقال لها كازرون، وسار المهلب وعبد الرحمن حتى نزلوا بهم، فخندق المهلب عليه، قال لعبد الرحمن: إن رأيت أن تخندق عليك فافعل، وإن أصحاب عبد الرحمن أبوا عليه وقالوا: إنما خندقنا بسيوفنا، فزحف الخوارج ليلاً إلى المهلب ليبيتوه فوجدوه قد خندق وقد أخذ حذره، فمالوا نحو عبد الرحمن بن مخنف فوجدوه لم يخندق، فقاتلوه فانهزم عنه أصحابه ونزل فقاتل في أناس من أصحابه فقتل وقتلوا حوله، وجاء المهلب فصلى على ابن مخنف وأصحابه وصار جنده في جند المهلب.

وقالوا (٧) : وبينا المهلب على المنبر يوم النحر بسابور يخطب الناس إذ أقبلت الأزارقة يقدمها عمرو القنا، فلما رآهم المهلب قال: سبحان الله أفي مثل هذا اليوم؟ ولكن الله تعالى يقول: " الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " يا مغيرة اكفنيهم وقدم أمامك سعد بن نجد، ودع الناس وعيدهم، فخرج إليهم المغيرة بن المهلب وأمامه سعد بن نجد الأزدي، وكان متقدماً في شجاعته، وكان الحجاج إذا ظن برجل أنه قد أعجبته نفسه قال: لو كنت سعد بن نجد ما عدا، فتوجه المغيرة وسعد معه وتبعهما جماعة من فرسان المهلب، وتلقاهم عمرو القنا على باب الخندق، وإذا غلام شاب من الخوارج يقال له معاذ، وكان أحد فرسان قطري فأقبل يحمل على الناس وهو يقول:

نحن صبحناكم غداة النحر ... بالخيل أمثال الوشيج تجري ... يقدمها عمرو القنا في الفجر ... إلى أناس لهجوا بالكفر ... اليوم أقضي في الدماء نذري ...


(١) ع: سامية؛ ص: ساميد، وأثبتنا ما عند البكري: ١٧٨، والاستبصار: ٢٢١، وقارن ((شامة)) عند الادريسي (د) : ٣٤.
(٢) سقطت من ع.
(٣) ص ع: الغير.
(٤) عن اليعقوبي: ٣٥٠.
(٥) بعضه عند الكرخي: ٧٦، ونزهة المشتاق: ١٢٧، وقارن بياقوت (سابور) .
(٦) الطبري ٢: ٨٧٥.
(٧) قارن بالكامل للمبرد ٣: ٣٧٦، والأخبار الطوال: ٢٧٥ - ٢٧٦.

<<  <   >  >>