للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صحف يسيرة، ورأيت عمر رضي الله عنه كذلك وإذا صحف مثل الحزورة، ورأيت عثمان رضي الله عنه كذلك وإذا صحف مثل الخندمة (١) ، ورأيتك يا معاوية وصحفك مثل أحد وثبير، فقال معاوية رضي الله عنه: أرأيت ثم دنانير مصر؟.

[حزيز:]

موضع بالبصرة، وأصل الحزيز الغليظ من الأرض. قالوا: لم ير الناس قط هواء أعدل ولا نسيماً أرق ولا أطيب منبتاً من ذلك الموضع. وقال أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد: ما آسى من العراق إلا على ثلاث خلال: ليل الحزيز ورطب السكر وحديث ابن أبي بكرة، وأراد الحجاج التعالج فدله الطبيب على هذا الموضع وأظنه المذكور في مقصورة ابن دريد (٢) :

[حزوى:]

موضع في ديار بني تميم، وفيه يقول ذو الرمة (٣) :

خليلي عوجا من صدور الرواحل ... بجمهور حزوى فابكيا في المنازل

لعل انحدار الدمع يعقب راحة ... من الوجد أو يشفي نجي البلابل

الحطيم (٤) :

بمكة، وهو ما بين الكعبة وما بين زمزم والمقام. قال الاخباريون: كان من لم يجد من الأعراب ثوباً من ثياب أهل مكة يطوف به رمى ثيابه هناك وطاف عرياناً، فسمي الحطيم.

حلوان (٥) :

من كور الجبل وبمقربة من شهرزور وخانقين، بناها قباذ بن فيروز ملك الفرس والد أنوشروان، وهي بين فارس والأهواز، وحلوان مدينة سهلية جبلية على سفح الجبل المطل على العراق، وسميت بذلك لأن معناها حافظ حد السهل، لأن حلوان أول العراق وآخر حد الجبل، وقيل سميت بحلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة وكان نزلها فنسبت إليه، وبناء حلوان بالطين والحجارة، وهي نحو نصف الدينور، والجبل منها على فرسخين، والثلج يكثر بها، وهي حارة الهواء كثيرة النخل والأنهار، ومنها إلى شهرزور أربعة فراسخ، وليس بالعراق بعد الكوفة والبصرة وواسط أعمر منها ولا أكبر ولا أخصب، وجل ثمارها شجر التين.

وبها نخلتان يضرب بهما المثل، يقال: أطول صحبة من نخلتي حلوان (٦) ، وفيهما يقول الشاعر (٧) :

أسعداني يا نخلتي حلوان ... وابكيا لي من صرف هذا الزمان

أسعداني وأيقنا أن نحساً ... سوف يلقاكما فتفترقان وحدث زكريا بن شعبة قال: كان هارون الرشيد يوماً في مقيله إذ رأى في منامه كأن رجلاً وقف على باب مجلسه فضرب بيده إلى عمود الباب ثم أنشأ يقول:

كأني بهذا القصر قد باد أهله ... وأوحش منه ربعه ومنازله

وصار عميد القصر من بعد بهجة ... إلى جدث تبكي عليه جنادله

فلم يبق إلا ذكره وحديثه ... تبكي عليه بالعويل حلائله ثم خرج إلى طوس فلما نزل حلوان العراق هاج به الدم فاجتمع المتطببون على أن دواءه الجمار فوجه إلى دهقان حلوان فأحضر فسئل عن النخل فقال: ليس بهذه البلدة إلا النخلتان اللتان على عقبة حلوان فوجه إليهما من قطع إحداهما فأكل هارون جمارها فسكن عنه الدم فرحل فمر عليهما فرأى على القائمة منهما كتاباً فيه:


(١) ع: الخنذرة، ص: الحديد.
(٢) جاء في المقصورة:
سقى العديد فالحزيز فالملا ... إلى النحيت فالقريات الدنا وقال التبريزي في شرحه: ١٤٦، الحزيز والملا والنحيت: مواضع بالبصرة ونواحيها.
(٣) ديوانه: ٥٧٦ (ط. دمشق) .
(٤) صبح الأعشى ٤: ٢٥٤، والبكري (مخ) : ٧٣.
(٥) بعض هذه المادة عند الكرخي: ٦١، وابن حوقل: ٢٢٠، ونزهة المشتاق: ٢٠٢.
(٦) الميداني ١: ٢٩٧.
(٧) هو مطيع بن إياس، انظر الأغساني ١٣: ٣٣٠، وفيه طرف من قصة الرشيد: ٣٣٢.

<<  <   >  >>