للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منية نصر (١) :

قرية بالأندلس قريبة من قرطبة موفية على النهر، وهي في شرقيها وتعرف بأرحاء الحناء، وهي منية فسيحة ذات مبان رفيعة، والذي ابتنى منية نصر الإمام عبد الله بن محمد، وفي ذلك يقول عبيد الله بن يحيى (٢) من قصيدة له:

لعل زماني يستجد بوصلها ... تجدد عهد الملك في منية النصر

فكم صدفت عنها الخطوب وأحرزت ... جنان المصلى دونها حلة الفخر

جفاها البلا إذ واصل الملك ربعها ... وتم بها قصر يضاهي سنا البدر

قريب المدى رحب المحل تحفه ... رياض ونهر تحت عقوته يجري والركن الشرقي مما يلي القبلة من هذه المنية يعرف بالركين، وهو على النهر وفيه ثمرات زيتون، وبين النهر وبين الركن موضع ينتابه النبيذيون وينتجعه الظرفاء فلا يكاد يخلو منهم، يتفيئون ظله ويعومون في نميره لاشتهاره وبرده، وفي ذلك يقول محمد بن شخيص (٣) على لسان ابن الحمالة إذ كان غائباً في القسطنطينية في شعر له طويل:

اقر السلام على الركين وقل له ... مذ غبت لم أرتح لظل نسيم

سقياً لظلك بالعشي وبالضحى ... ولبرد مائك في احتدام سموم

لو كنت أملك منع مائك لم يقم ... في ظل ساحك منتم للئيم نقل في هذه الأبيات معنى شعر ابن المعتز وكثيراً من لفظه، وهو (٤) :

اقرأ على الوشل السلام وقل له ... كل المشارب مذ هجرت ذميم

منية ابن الخصيب (٥) :

بينها وبين مدينة القيس نصف يوم، وهي في الضفة الشرقية من النيل، وهي عامرة كثيرة الأسواق والحمامات وسائر مرافق المدن، وحولها جنات وأرض متصلة العمارات وقصب وأعناب كثيرة ومتنزهات ومبان حسان.

المنكب (٦) :

بالأندلس، مرسى المنكب صيفي يكن بشرقيه، وله نهر يريق في البحر، وعليه حصن كبير لا يرام، به ربض وأسواق وجامع، وفيه آثار للأول كثيرة، وكانت لهم فيه مياه مجلوبة وآثار قنيها بها إلى اليوم، وبقرب الحصن من ناحية الشمال ديماس عظيم مبني من حجارة مربع الأسفل محدد الأعلى، ارتفاعه نحو مائة ذراع، في رأسه منفس للماء المجلوب إليها، وقد نحت في عرض جهة الديماس الجنوبية من أعلاه إلى أسفله مصب للماء، حتى وصل إلى الأرض فدل أن الماء كان مجلوباً من موضع هو أرفع من هذا الصنم، وبهذا المرسى خرج الإمام عبد الرحمن بن معاوية عند دخوله الأندلس وذلك في ربيع الأول من سنة ثمان وثلاثين ومائة. ويتلو مرسى المنكب في الشرق مرسى شلوبينية.

والمنكب (٧) مدينة حسنة متوسطة كثيرة مصايد السمك وبها فواكه جمة.

قال بعض أهل الأخبار ما هو كالتفسير لما قدمناه: في وسط (٨) المنكب بناء مربع كالصنم، أسفله واسع وأعلاه ضيق، به حفيران من جانبيه، متصلان من أسفله إلى أعلاه، وبازائه من الناحية الواحدة في الأرض حوض كبير يأتي إليه الماء من نحو ميل على ظهر قناطر كثيرة معقودة من الحجر الصلد، ينصب ماؤها في ذلك الحوض، ويذكر أهل المعرفة من أهل المنكب


(١) بروفنسال: ١٨٧، والترجمة: ٢٢٦.
(٢) ترجمته في الجذوة: ٢٥٠، والبغية رقم: ٩٧٤، واليتيمة ٢: ١١، وابن الفرضي ١: ٢٩٤ وانظر فهرست كتاب التشبيهات من أشعار أهل الأندلس: ٣٢٠.
(٣) محمد بن مطرف بن شخيص، انظر الجذوة: ٨٤، وبغية الملتمس رقم: ٢٧٦، وفهرست كتاب التشبيهات: ٣٣١.
(٤) هذا البيت وما بعده من أبيات ليست لابن المعتز إنما هي لأبي القمقام الأسدي كما ذكر ياقوت (الوشل) ؛ وحماسة أبي تمام، شرح المرزوقي، رقم: ٥٦٧، وإلى ذلك أشار بروفنسال في هامش الروض (النص العربي) .
(٥) ألإدريسي (د) : ٤٥، وانظر رحلة ابن جبير: ٥٧، وابن بطوطة: ٤٨.
(٦) بروفنسال: ١٨٦، والترجمة: ٢٢٥ (Almunecar) وهي مدينة صغيرة في مقاطعة غرناطة على البحر المتوسط، على بعد ٢٣ كيلومتراً إلى الغرب من مطريل (Matril) .
(٧) الإدريسي (د) : ١٩٩.
(٨) النقل مستمر عن المصدر السابق.

<<  <   >  >>