بن برخيا، وكان كاتب سليمان ومن أهله، وهو الذي كان عنده علم الكتاب، وهو الذي أحضر عرش بلقيس، وكان علم موضع المرأة من قلب سليمان وحبه لها، فلم يدر كيف يتوصل لتعريفه بما أحدثت عنده، إلى أن اتجه له ذلك، فقال: يا نبي الله، إني قد كبرت ولا آمن الموت، وقد أردت أن أقوم مقاماً أذكر فيه الأنبياء وأثني عليهم، فتأمر بإحضار الناس ووجوه بني إسرائيل، فأجابه سليمان عليه السلام إلى ذلك، فقام آصف على المنبر فخطب، فحمد الله تعالى وأثنى عليه، وأقبل يذكر الأنبياء نبياً نبياً، ويثني عليه في صغره وفي كبره ومدة أيامه، إلى أن بلغ داود عليه السلام، فأثنى عليه واستغفر له، ثم ذكر سليمان، فأثنى عليه في صغره خاصة ولم يذكره في كبره، ولا ذكر شيئاً من أيامه بخير ولا شر، فأحفظ ذلك سليمان عليه السلام، فاستدعاه خالياً، ووقفه على ذلك، فقال: ذكرت ما علمت، فلما ألح عليه قال: وبم استحللت أن أثني عليك في أيامك، وغير الله يعبد في دارك منذ أربعين يوماً؟! ما هذا جزاء نعمته عندك ولا شكر تمليكه لك، فارتاع لذلك سليمان عليه السلام، وقام فعاقب المرأة، وكسر الصنم، وهرب شيطانه، فظفر به فسجنه، وفتن سليمان بذلك، وأخذت الجن خاتمه، وخرج من ملكه، وكان يطوف في بني إسرائيل فينكرونه، ثم رد الله تعالى عليه ملكه وخاتمه بعد أربعين يوماً، وهي مدة الأيام التي سجدت المرأة فيها للصنم، ثم إن المرأة تابت وصح إسلامها، وكان ولد سليمان علية السلام منها، وذكروا أن اسمها جرادة.