للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فتى (١) كلّ ما فيه يسرّ صديقه … على أنّ فيه ما يسوء الأعاديا

نشأ على خير وعفاف، وتحلّى بمحاسن الأوصاف، سمع الحديث ببلده على أشياخها:

أبى (٢) الفتح بن الدّشناوىّ، وابن القرطبىّ (٣)، والظّهير (٤) موسى وغيرهم، واشتغل بالفقه على أشياخها، وكتب الخطّ الجيّد، وصار موقّعا للحكّام، وولّى شهادة الأيتام، ثقة لصيانته وديانته، وركونا إلى ما عرف من معرفته وأمانته، وعرض عليه الحكم جماعة، فلم يرضه بضاعة، ولا اختاره صناعة، بل ثقل عليه، حين (٥) دعته الضرورة إلى الانقياد إليه، وأوجب له الطاعة حلف بعض الجماعة عليه، فدخل فيه وقد رغم أنفه، وفارقه نظيفة كفّه، فما حال [فيه] عمّا كانت عليه حالته، ولا أمالته زهرة المنصب وجلالته، ولمّا كفّ بصر قاضى الإقليم، كتب إليه قاضى القضاة بالنّظر فيه على التّعميم، وهو أمر يهتمّ سواه به ويهيم، فتواترت علىّ كتبه، وتوارد للاستقالة (٦) منه طلبه، فلمّا أخرت الإجابة، ولم أردّ جوابه، واستشعر حلول رمسه، بادر إلى صرف نفسه، وصيّر يومه كأمسه، وأقام نحوا من شهر وقضى، وسار على سداد ومضى، وأمر


(١) هذا البيت ينسب تارة للنابغة الجعدى عبد الله بن قيس، وتارة للنابغة الذبيانى زياد بن معاوية؛ ففى شعراء النصرانية/ ٧٣٠:
فتى تم فيه ما يسر صديقه … على أن فيه ما يسوء المعاديا
فتى كملت أخلاقه غير أنه … جواد فما يبقى من المال باقيا
والبيتان للنابغة الذبيانى، وفى حماسة أبى تمام ٣/ ١٩:
فتى كان فيه ما يسر صديقه … على أن فيه ما يسوء الأعاديا
فتى كملت خيراته غير أنه … جواد فما يبقى من المال باقيا
ونسب أبو تمام البيتين للنابغة الجعدى، وكذلك فعل ابن قتيبة؛ انظر؛ الشعر والشعراء/ ٥٧.
(٢) هو محمد بن أحمد بن عبد الرحمن، وستأتى ترجمته فى الطالع.
(٣) هو أحمد بن محمد بن أحمد، وقد ترجم له الأدفوى، انظر الطالع ص ١١٠.
(٤) فى ج: «ابن موسى» وهو خطأ؛ فالظهير هو موسى بن الحسن بن يوسف، وستأتى ترجمته فى الطالع.
(٥) فى ز و ط: «من» وهو تحريف.
(٦) فى ج: «وتوارد على الاستقالة».

<<  <  ج: ص:  >  >>