يكونُ مشتركًا بين المسلمينَ كلِّهم، من وُجِدَ منهم ومن لم يوجدْ بعد ذلك.
ويبينُ هذا أنَّ الله تعالى نسبَ الغنيمةَ للغانمين، فقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ) ، فأمَّا الأرضُ فأضافها إلى الرسول لقولِهِ: (مَا أفَاءَ اللَّهُ عَلَى
رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى) إشارةً إلى أن كلَّ قريية يفيئُها اللَّهُ على أمتِهِ إلى
يومِ القيامةِ، فهي مضافةٌ إلى الرسول غيرُ مختصةٍ بالغانمين، والإمامُ يقومُ
مقامَ الرسول في قسمتِها بالاجتهاد.
وقولُهُ: (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى) من الأرض خاصة
وقد صحَّ عن عطاءِ بن السائب والحسنِ البصري وغيرِهما من السلفِ أنهم
قالُوا: الأرضُ فيءٌ وإن أخذتْ بقتالٍ وتقدَّم ذكرُ ذلك عن جماعة من العلماءِ
يدلُّ على ذلك أنَّه جعلها لثلاثةِ أصنافٍ المهاجرينَ والأنصارِ ومن جاء بعدَهم
من المسلمين، وهذا لا يمكنُ في المنقولاتِ قطعًا، لأنَّ المنقولاتِ تستهلكُ
ويختصُّ به من يأخذُهُ فلا يمكنُ اشتراكُ جميع المسلمينَ فيه، وقد قيلَ: إنَّ
هذه الآية نزلتْ في قرى عرينةَ التي فتحتْ على النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو فيها وفي قرى بني قريظة والنضير وحنين، وقيلَ: بل الآية ُ تعمُّ كلَّ ما فتحَ إلى آخر الدهر، وهو أصحُ، وإن كانَ سببُ نزولها في قرى عرينة، فإنَّ سبب الثزولِ لا يختص الحكمَ العامَّ.
قال معمرٌ: بلغنَا أن هذه الآيةَ نزلتْ في الجزيرةِ والخراج، وخراج القُرى.
يعني القُرى تؤدِّي الخراجُ ذكرُهُ ابنُ أبي حاتمٍ، وكذا قال الحسنُ بنُ صالح: أن الفيءَ ما أُخذَ من الكفارِ بصلح من جزيةٍ أو خراج، وكذا فسر أحمدُ الفيءَ بأنه ما صولح عليه من الأرضين وجزيةِ الرؤوس وخراج الأرضِ.
وقال: فيه حق لجميع المسلمين، ولم يذكرْ في هذه الآيةِ بغيرِ إيجافٍ، كما ذكرهُ في