النَّاقِدَ بصيرٌ.
السُّقمُ على الجِسم لهُ تردادُ. . . والعُمرُ مضَى وزلَّتي تزدادُ
ما أبعدَ شُقَّتِي وما لي زَادُ. . . ما أكثرَ بهرجي ولي نقَّاد
* * *
قوله تعالى: (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)
فقوله - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويهِ عن ربِّه:
"يا عبادِي إنِّي حرمتُ الظُّلمَ على نفسِي ".
يعني: أنَّه منعَ نفسَهُ من الظلم لعباده، كمَا قالَ عزَّ وجلَّ: (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩) ، وقالَ: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ) .
وقال: (وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ) .
وقال: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) .
وقال: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا) .
وقال: (إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّة) .
وقال: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا (١١٢) .
والهضمُ: أن يُنقَصَ من جزاءِ حسناتِهِ، والظُّلمُ: أن يُعاقب
بذنوبِ غيرِه، ومثلُ هذا كثيرٌ في القرآنِ.
وهو مما يدلُّ على أنَّ اللَّهَ قادرٌ على الظلم، ولكنَّهُ لا يفعلُه فضلاً منه
وجُودًا، وكرمًا وإحسانا إلى عبادِهِ.
وقد فسرَ كثيرٌ من العلماءِ الظلمَ: بأنه وضعُ الأشياءِ في غيرِ موضِعِهَا.
وأمَّا من فسَّره بالتَّصرُّفِ فِي ملك الغيرِ بغيرِ إذنِهِ - وقد نقلَ نحوه عن إياسِ
ابنِ معاويةَ وغيرِه - فإنهم يقولون: إنَّ الظُّلْمَ مستحيلٌ عليه، وغيرُ متصوَرٍ في حقِّه، لأن كلَّ ما يفعلُه فهو تصرُّف في ملكه، وبنحو ذلكَ أجابَ أبو الأسودِ