خوفٌ شديدٌ يبيحُ الصلاةَ بالإيماءِ.
وقد قالَ أصحابُنا وأصحابُ الشافعيّ: لو صلَّى صلاةَ الخوفِ على ما في
حديثِ ابنِ عُمرَ في غيرِ خوف لم تصح صلاةُ المأمومين كلهم؛ لإتيانِهِم بما لا
تصحُّ معه الصلاةُ في غيرِ حالةِ الخوفِ من المشي والتخلّفِ عن الإمامِ.
فأما الإمامُ، فلأصحابِنا في صلاتِهِ وجهانِ، بناءً على أنَّ الإمامَ إذا بَطَلَتْ
صلاةُ منْ خلفَه، فهل تبطلُ صلاتُهُ لنيته الإمامةَ وهو منفردٌ، أو يتمُّها منفردًا
وتصحُّ؛ وفيه وجهان للأصحابِ.
* * *
قوله تعالى: (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (١٠٣)
[قالَ البخاريُّ] : وقولُ الله عزَّ وجلِّ: (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ علَى الْمُؤْمِنِينَ
كتَابًا مَّوْقُوتًا) ، مُوَقَتَا، وَقًّتَهُ علَيْهِم.
أمَّا "الكتابُ " فالمرادُ به: الفرْضُ ولم يُذْكَر في القرآن لفظُ الكتاب وما
تصرَّف منه إلا فيما هو لازِم: إمَّا شرعًا، مثل قوله: (كُتِبَ عَلَيْكمْ الصِّيَامُ)
، (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ) ، وقوله: (كتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ) .
وإمَّا قدرًا، نحو قوله: (كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَن أَنَا وَرُسُلِي) .
وقوله: (وَلَوْلا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ) .