للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)

كانتْ هذه الآية ُ يشتدُّ منها خوفُ السلفِ على نفوسِهِم فخافُوا أن لا

يكونُوا من المتَّقينَ الذين يُتقبلُ منهم.

وسُئلَ الإمامُ أحمدُ عن معنى "المتقينَ " فيها، فقالَ: يتقي الأشياءَ، فلا يقعُ

فيما لا يحِلُّ له.

* * *

وكان السلفُ يوصونَ بإتقانِ العملِ وتحسينِهِ دون مجردِ الإكثار منه، فإنّ

العملَ القليلَ مع التحسينِ والإتقانِ أفضلُ من الكثيرِ مع عدمِ الإتقانِ.

قالَ بعضُ السلفِ: "إن الرجلينِ ليقومانِ في الصفِّ وبينَ صلاتيهِما كما بينَ

السماءِ والأرضِ، كم بينَ من تصعدُ صلاتُه لها نور وبرهان كبرهان الشمسِ.

وتقولُ: حفظك اللَهُ كما حفظتني، وبينَ من تُلَفّ صلاتُهُ كما يلَفّ الثوبُ

الخَلِق ويضربُ بها وجهُ صاحبِها، وتقولُ: ضيعكَ اللَّهُ كما ضيعتَنِي ".

ولهذا قالَ ابنُ عباسٍ وغيرُهُ: "صلاةُ ركعتين في تفكر خير من قيامٍ ليلةٍ

والقلبُ ساهٍ ".

قال بعضُ السلفِ: "لا يقلُّ عمل مع تقوى، وكيف يقِل ما يُتقبلُ؟ "

يشيرُ إلى قولِهِ تعالى: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) ، ولهذا قال من قالَ

من الصحابة: لو علمتُ بأنَّ اللَّهَ قبلَ منَي ركعتينِ كانَ أحبَّ إليَّ من كذا

وكذا، فمن اتًّقى اللَّهَ في العملِ قَبِلهُ منه، ومن لم يتَّقِهِ لم يقبلْهُ منه.

والتقوى في العملِ: أنْ يأتي به على وجهِ إكمالِ واجباتِهِ الظاهرةِ والباطنةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>