قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)
قال اللَّهُ تعالى: (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢) .
روى إسماعيلُ بنُ أبي خالدٍ عن قيسِ بنِ أبي حازمٍ قالَ: بكَى عبدُ اللَّهِ بنُ
رواحةَ فبكتِ امرأتُهُ، فقالَ لها: ما يبكيكِ؟
قالت: رأيتُك تبكي فبكيتُ.
قال: إني ذكرتُ هذه الآيةَ: (وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) وقد علمتُ أنِّي
داخلُها، فلا أدري أناج منها أنا أم لا؟
وروى ابنُ المباركِ عن عبادِ المقبريِّ، عن بكرٍ المزنيِّ، قالَ: لما نزلتْ هذه
الآيةُ (وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) ذهبَ ابنُ رواحةَ إلى بيتِهِ فبكَى.
وجاءتِ المرأةُ فبكتْ، وجاءتِ الخادمُ فبكتْ، ثم جاءَ أهلُ البيتِ فجعلُوا
يبكونَ كلُّهم، فلما انقطعتْ عبرتُهُ قالَ: يا أهلاه ما يبكيكُم؟
قالُوا: لا ندري، ولكنَّا رأيناكَ تبكي فبكينَا.
قالَ: آية نزلتْ على رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -.
ينبئُني فيها ربِّي أني وارد النارَ ولم ينبئني أني صادِر عنها.
وقال موسى بنُ عقبةَ في "مغازيه ": زعمُوا أنَّ ابنَ رواحةَ بكى حينَ أرادَ
الخروجَ إلى موتِهِ، فبكَى أهلُه حينَ رأوه يبكي، فقالَ: واللَّهِ ما بكيتُ جزعًا
من الموتِ ولا صبابةً لكُم، ولكنّي بكيتُ جزعًا من قولِ اللَّه عزَّ وجلَّ: (وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا) فأيقنتُ أني واردُها، فلا أدري أنجُو منها أم لا؟
وقال حفصُ بنُ حميدٍ عن شمرِ بنِ عطيةَ: كان عمرُ بنُ الخطابِ - رضي الله عنه - إذا قرأ هذه الآيةَ يبْكِي، ويقولُ: ربِّ أنا ممن تُنجي أم من تذرُ فيها جثيًّا.