فقال رجلٌ: ما أبالِي أن لا أعملَ عملاً بعد الإسلامِ إلا أنْ أسقِيَ
الحاجَّ.
وقال آخرُ: ما أبالِي أنْ لا أعملَ عملاً بعد الإسلامِ، إلا أنَّ أعْمُرَ
المسجدَ الحرامَ.
وقالَ آخرُ: الجهاد في ممبيلِ اللهِ أفضلُ ممَّا قُلتم، فزجرَهُم
عُمَرُ، وقال: لا ترفعُوا أصواتكم عندَ منبرِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو يوم الجمعةِ -، ولكن إذا صليتُ الجمعة دخلْتُ فاسْتفْتيتُهُ فيما اختلفتُم فيه، فأنزلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ:(أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، إلى آخرِ الآيةِ. فهذا الحديثُ الذي فيه ذِكْرُ سببِ نُزولِ هذه الآيةِ يبيِّنُ أن المرادَ أفضلُ ما يُتقرَّبُ به إلى اللَّهِ تعالى من أعمالِ النوافلِ والتطوع.
وأنَّ الآيةَ تدلُّ على أنَّ أفضلَ ذلكَ الجهادُ مع الإيمانِ.
فدل على أنَّ التطوعُ بالجهادِ أفضلُ من التطوعُّ بعمارةِ المسجد الحرامِ وسقاية الحاجِّ.
وعلى مثلِ هذا يحملُ حديثُ أبي هريرةَ - رضي الله عنه -.