ونقل الوليدُ بنُ مسلم - في "كتابِ الأيمان والنذورِ" عن الأوزاعيِّ، في
رجلٍ كُلِّم في شيء فيقولُ: نعمْ، إن شاءَ اللَّهُ، ومن نيتِهِ أن لا يافعلَ.
قالَ: هذا الكذبُ والخُلف.
قالَ: إنَّما يجوزُ المُستثنى في اليمينِ، قيلَ لهُ: فإنَّه قالَ:
نعم إنْ شاءَ اللَّهُ ومن نيتِهِ أنْ يفعلَ، ثم بدا لهُ أن لا يفعلَ.
قالَ: له ثُنياه.
وهذا يدلُّ على أنَّ الاستثناءَ بالمشيئةِ في غيرِ اليمينِ إنَّما ينفعُ لمن لم يكن
مصممًا على مخالفةِ ما قالَهُ من أولِ كلامِهِ.
* * *
قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (٢٩)
قالَ الزجاجُ: السرادقُ: كلُّ ما أحاطَ بشيءٍ نحو الشقة في المضربِ
والحائطِ المشتملِ على الشيءِ.
وقال ابنُ قتيبةَ: السرادقاتُ: الحرةُ التي تكونُ حولَ الفسطاطِ، قيلَ: هو الدهليزُ، معربٌ، وأصلُهُ بالفارسيةِ: سرادارُ.
وقالَ ابنُ عباسٍ: هو سرادقُ من نارٍ.
وروى ابنُ لهيعةَ عن دراج عن أبي الهيثمَ عن أبي سعيد الخدرىِّ عن النبيِّ
- صلى الله عليه وسلم - قالَ: "سرادقُ أهلِ النارِ أربعةُ جدرٍ، كثفُ كلِّ جدارٍ مسيرةً أربعين سنةً"
خرَّجه الترمذيُّ.
وإحاطةُ السرادقِ بهم قريبٌ من المعنى المذكورِ في غلقِ الأبوابِ، وهو شبهُ