وقال إبراهيمُ التيميُّ: ما من عبدٍ وهبَهُ اللَّهُ صبرًا على الأذى، وصبرًا على
البلاءِ وصبرًا على المصائبِ، إلا وقد أُوتي فضلاً، ما أوتيهِ أحدٌ بعدَ الإيمانِ
باللَّه عز وجلَّ.
وهذا منتزعٌ من قولِه تعالى: (وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (١٧٧)
والمرادُ بالبأساءِ: الفقرُ ونحوُه، وبالضَّرَّاءِ. المرضُ ونحوُه.
وحينَ البأسِ: حالُ الجهادِ.
وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ: ما أنعمَ اللَّه علَى عبدٍ نعمةً فانتزعَهَا منه.
فعاضَهُ مكانَ ما انتزعَ منه الصبرَ إلا كانَ ما عوضَهُ خيرًا مما انتزعَ منه، ثم
تلا: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
وكان بعضُ الصالحينَ في جيبهِ ورقةٌ يفتحُهَا كلَّ ساعةٍ فينظرُ فيها، وفيها
مكتوبٌ: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) .
والصبرُ الجميلُ هو أن يكتمَ العبدُ المصيبةَ ولا يخبرَ بِهَا.
قالَ طائفةٌ من السلفِ في قولِهِ تعالى: (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) ، قال: لا شكوى معه.
* * *
قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)
وقد أمرَ اللَّه سبحانه وتعالى عبادَهُ بشُكْر نعمةِ صيام رمضانَ بإظهارِ ذكْرِهِ.
وغيرِ ذلكَ من أنواع شكرِهِ، فقال: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)