للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٨)

خرَج الإمامُ أحمدُ والترمذيُّ وابنُ حبانَ في "صحيحِهِ " من حديثِ ابنِ

عمرَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال:

"إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ يقبَلُ توبةَ العبدَ ما لم يُغَرْغِر"

وقال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ. دلَّ هذا الحديثُ على قبولِ توبةِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ لعبده ما دامَتْ روحُه في جسدِهِ لم تبلُغ الحُلْقُومَ والتراقي.

وقد دلَّ القرآنُ على مثلِ ذلك أيضًا، قال اللَّهُ عزَّ وجلَّ: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) ، وعمَلُ السُّوءِ إذا أفرد دَخَل فيه جميعُ السَّيئات، صغيرُها وكبيرُها، والمرادُ بالجهالة الإقدامُ على عملِ السُّوء.

وإنْ علِمَ صاحبُه أنه سوء، فإنَّ كُلَّ من عَصَى اللًّهَ فهو جاهلٌ، وكُلَّ من أطاعَهُ فهو عالمٌ، وبيانُهُ من وجهينِ:

أحدُهما: أنَّ من كانَ عالِمًا باللَّهِ تعالى وعظمتِهِ وكبريائِهِ وجلالِهِ، فإنَّه

يَهَابُهُ ويخشاهُ، فلا يقعُ منه مع استحضارِ ذلكَ عصيانُه، كما قال بعضُهم:

لو تفكَّر الناسُ في عظمةِ اللَّه تعالى ما عَصَوهُ، وقال آخرُ: كفَى بخشيةِ اللَّه

عِلْمًا، وكَفى بالاغترارِ باللَّهِ جهلاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>