أنا البائسُ الفقيرُ المستغيثُ المستجيرُ الوجِلُ المُشْفقُ المُقِر المعترفُ بذنبهِ، أسألكَ مسألةَ المسكينِ وأبتهلُ إليكَ ابتهالَ المُذنبِ الذليل، وأدعوكَ دعاءَ الخائفِ الضرير، ومن خضعَتْ لك رقبتُه، وذلَّ لك جسدُه، ورغِمَ لك أنفُه، وفاضتْ لك عيناه.
اللَّهمَّ لا تجعلني بدعائِكَ شقيًّا، وكنْ بي بارًّا رؤوفًا رحيمًا، يا خيرَ المسئولينَ، ويا خيرَ المُعطينَ ".
وكان بعضُهم يقول في دعائِهِ: بعزِّك وذلِّي وغِناكَ وفَقْري.
وقال طاوس - رحمه اللَّه تعالى -: دخلَ عليٌّ بنُ الحسينِ - رحمه اللَّه
تعالى - ذاتَ ليلة الحجرَ يصلِّي، فسمعتُه يقول في سجودهِ: عُبيدُكَ بفنائكَ.
مُسيكينُكَ بفنائِك، فقيرُكَ بفنائِك، سائلُك بفنائِك، قال طاوس: فحفظتُهنَّ، فما دعوتُ بهنَّ في كَرْبٍ إلا فُرِّجَ عنَي.
خرَّجه ابنُ أبي الدُّنيا.
وروى ابنُ باكَوَيْه الصوفيُّ - رحمه الله تعالى - بإسنادٍ له: أنَّ بعضَ العُبَّادِ
حجَّ ثمانينَ حَجَّةً على قدَميهِ، فبينما هو في الطوافِ وهو يقول: يا حبيبي.
وإذا بهاتفٍ يهتفُ به: ليس ترضى أن تكون مسكِينًا حتَّى تكونَ حبيبًا.
قال: فغُشي عليَّ، ثم كنتُ بعد ذلك أقول: مسكينُكَ مسكينُكَ، وأنا تائبٌ عن قول: حبيبي.
* * *
قوله تعالى: (يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ)
كان السلفُ الصَّالح يجتهدون في إتمام العمَل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمُّون
بعد ذلكَ بقبولهِ، ويخافونَ من رَدِّه، وهؤلاء الذينَ
(يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) .
رُويَ عن عليٍّ نهى قال: كونُوا لقبول العمل أشدَّ اهتمامًا