قوله تعالى: (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٧٦)
وقد اختلفَ العلماءُ في معنى قولِهِ - صلى الله عليه وسلم -:
"ألحقُوا الفرائضَ بأهلِهَا":
فقالتْ طائفةٌ: المرادُ بالفرائضِ الفروضُ المقدَّرةُ في كتابِ اللَهِ تعالى.
والمرادُ: أعطُوا الفروضَ المقدرةَ لمن سمَّاها اللَهُ لهم، فما بقِيَ بعدَ هذه
الفروضِ، فيستحقّه أوْلى الرجال، والمرادُ بالأوْلى: الأقربُ، كما يقال: هذا يلي هذا، أي: يَقرُبُ منه، فأقربُ الرجال هو أقربُ العَصَباتِ، يستحقُّ الباقي بالتعصيبِ، وبهذا المعنى فسَّر الحديثَ جماعةٌ من الأئمةِ، منهم: الإمامُ أحمدُ، وإسحاقُ بنُ رَاهويه، نقله عنهما إسحاقُ بنُ منصورٍ.
وعلى هذا، فإذا اجتمعَ بنتٌ وأختٌ وعمٌّ، أو ابنُ عم، أو ابنُ أخ.
فينبغِي أن يأخذَ الباقِي بعدَ نصف البنتِ العصبةُ، وهذا قولُ ابنِ عباسٍ، وكان يتمسَّكُ بهذا الحديثِ، ويقر بأنًّ النَّاسَ كلَّهم على خلافِهِ، وذهبتْ الظاهريةُ إلى قولِهِ أيضًا.
وقال إسحاقُ: إذا كانَ مع البنتِ والأختِ عصبةٌ، فالعصبةُ أوْلَى، وإن لى
يكن معَهُمَا أحدٌ، فالأختُ لها الباقى، وحُكي عن ابنِ مسعودٍ، أنه قالَ:
البنتُ عصبةُ مَنْ لا عصبَةَ له، ورَدَّ بعضُهم هذا، وقال: لا يصحُّ عن ابنِ
مسعودٍ.
وكان ابنُ الزبيرِ ومسروقّ يقولانِ بقولِ ابنِ عباسٍ، ثم رجعَا عنه.
وذهب جمهورُ العلماءِ إلى أن الأختَ مع البنتِ عصبةٌ لها ما فضلَ،