للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعتزال في البيوتِ والفرش كما كانوا يصنعونَ أوَّلاً، حتى نزل آخرُ الآيةِ:

(فَأتُوهُنَّ مِنْ حَيْث أَمَرَكمُ اللَّهُ) ، ففُهِم من ذلك أن اللَّهَ أمر

باعتزالِهنَّ في الوطْءِ خاصةً.

وفسَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك بقولِهِ: "اصنعوا كلَّ شيءٍ غيرَ النِّكاح "، وبِفعْله مع أزواجِهِ؛ حيث كان يباشرهنَّ في المحيضِ.

* * *

قوله تعالى: (لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)

[قال البخاريّ] : "بابُ: قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -

"أنا أعلمُكُمْ باللَّهِ "، وأنَّ المعرفةَ فعْلُ القَلْبِ، لقوْلِهِ تعالى: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) .

مرادُه بهذا التبويبِ: أن المعرفةَ بالقلبِ التي هي أصلُ الإيمانِ فعلٌ للعبدِ

وكسبٌ له، واستدلَّ بقوله تعالى: (بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) ، فجعلَ

للقلوبِ كسبًا، كما جعل للجوارح الظاهرةِ كسبًا.

والمعرفةُ: هي مركبة من تصور وتصديقٍ، فهي تتضمنُ علمًا وعملاً، وهو

تصديقُ القلبِ، فإن التصورَ قد يشتركُ فيه المؤمنُ والكافرُ.

والتصديقُ يختصُّ به المؤمنُ، فهو عملُ قلبِهِ وكسبهُ.

وأصلُ هذا: أن المعرفةَ مكتسبة، تُدركُ بالأدلةِ، وهذا قول أكثرِ أهلِ السنن

من أصحابِنا وغيرِهِم، ورجَّحه ابنُ جريرٍ الطبريُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>