"إنَّ أمنَّ الناس عليَّ في صحبته ومالِهِ أبو بكرٍ".
قال الخطابيُّ: معنى قوله: "أمَن"، أي: أبْذَل لنفسه وأعْطَى لماله.
والمنُّ: العطاءُ من غير استثابة، ومنه قوله تعالى:(هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أوْ أَمْسِكْ) .
وقوله:(وَلا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ) أي: لا تُعْطِ لتأخذ أكثر مما
أعْطَيتَ، ولم يرد به المِنَّة؛ فإنها تُفسدُ الصنيعة، ولا مِنَّةَ لأحدٍ على رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بل له المِنَّةُ على جميع الأُمَّةِ.
* * *
قوله تعالى:(سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (١٧)
وروى دراجٌ عن أبي الهيثم عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال في قوله تعالى:(سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا) قال:
"جبلٌ من نارٍ يكلفُ أن يصعدَهُ، فإذا وضَعَ يدَهُ عليه ذابتْ، وإذا رفَعَها عادتْ، وإذا وَضعَ رِجلَه عليه ذابتْ، فإذا رَفَعها عادتْ، يصعدُ سبعينَ خرِيفًا، ثم هَوى مثلَها كذلك "
وهذا الحديثُ خرَّجه الإمامُ أحمدُ وغيرُه بمعناه، وخرَّجه الترمذيُّ مختصرًا ولفظُهُ:"الصَّعود جبلٌ من نارٍ
يصعدُ فيه الكافرُ سبعينَ خرِيفًا وبهوِي فيه كذلك أبَدًا".
وقال: حديثٌ غريبٌ لا نعرفُهُ مرفوعًا إلا من حديثِ ابن لهيعةَ عن درَّاج، ولكنْ رواه أيضًا عمرُو بنُ الحارثِ عن درَّاج به، خرَّجه من طريقه الحاكمُ، وقال: صحيحُ الإسنادِ.