فهؤلاءِ القومُ لما صلحتْ قلوبُهم، فلم يبقَ فيها إرادةٌ لِغير اللَّهِ، صلحتْ
جوارحُهم، فلم تتحرَكْ إلا للهِ عزَ وجلَّ، وبما فيهِ رضاهُ، واللَّهُ أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩)
وقولُه: "إني لأرى منْ خلفي كما أرى منْ بين يدي ".
هو فضيلة للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - خصَّهُ اللَّهُ بها.
فكانَ ينظرُ ببصيرتِهِ كما ينظرُ ببصر، فيرى من خلفَه كمَا
يرَى من بينَ يديهِ.
وقد فسَّرهُ الإمامُ أحمدُ بذلكَ في روايةِ ابنِ هانئ، وتأولَ عليه قولَهُ
تعالَى: (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) .
كما روى ابنُ أبي نجيح، عن مجاهدٍ في قوله:
(الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (٢١٩) .
أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يرى أصحابَهُ في
صلاتهِ من خلفِهِ، كما يَرى من بين يديهِ.
وتأويلُ الآيةِ على هذا القولِ: أن اللَّه تعالى يَرَى نبيَّه
- صلى الله عليه وسلم - حين يقومُ إلى صلاتهِ.
ويَرَى تقلبَ نظره إلى الساجدينَ معه في صلاتهِ.
وقال الأثرمُ: قلتُ لأحمدَ: قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إني لأراكم من وراء ظهرِي "؟
قال: كانَ يرى من خلفَهُ كما يَرى من بينَ يديهِ.
قلتُ: إن إنسانًا قالَ لي: هو