للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ: ما زالَ أهلُ النارِ يعرضُونَ عليَّ في سلاسلهم وأغلالِهِم حتى

الصباحِ.

* * *

قوله تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)

وقال تعالى: (لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ)

والمعنى: أنه تعالى يحبُّ من عبادِهِ أنْ يتَّقُوه ويُطيعُوه، كما أنَّه يكره منهم

أن يعْصُوه، ولهذا يفرحُ بتوبةِ التائبينَ إليه أشدَّ من فرح منْ ضلَّتْ راحلتُهُ

التي عليْهَا طعامُهُ وشرابُهُ بفَلاةٍ من الأرضِ، وطلبَهَا حتَّى أعيا وأيسَ منهَا.

واستسلَمَ للموتِ، وأيسَ من الحياةِ، ثم غلبتْهُ عينُه فنامَ فاستيقظَ وهي قائمةٌ

عندَهُ، وهذا أعْلَى ما يتصورُهُ المخلوقُ من الفرح، هذا كلُّه مع غناهُ عن

طاعاتِ عبادِهِ وتوباتِهِم إليه، وإنَّه إنَّما يعودُ نفعُها إليهِم دونَهُ، ولكن هذا من كمالِ جودِهِ وإحسانِهِ إلى عبادِهِ، ومحبتِهِ لنفعِهِم ودفع الضَّرَرِ عنهُم، فهو

يُحِبُّ من عبادِهِ أن يعرفُوه ويحبُّوه ويخافُوه ويتَّقوه ويطيعُوه ويتقرَّبوا إليه.

ويُحِبُّ أن يعلمُوا أنَّه لا يغفرُ الذنوبَ غيرُه، وأنَّه قادرٌ على مغفرةِ ذنوبِ

عبادِهِ، كما في روايةِ عبد الرحمنِ بنِ غنْم عن أبي ذرٍّ لهذا الحديثِ:

"من علمَ منكم أنِّي ذو قُدرةٍ على المغفرةِ، ثم استغفرني، غفرتُ له ولا أبالي ".

وفي "الصحيح " عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ عبدًا أذنبَ ذنبًا، فقالَ: يا ربِّ، إنَي عملتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>