وقد صحَّ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه رفعَ يديهِ في الدعاءِ في مواطنَ كثيرةٍ وأعظمُهَا:
في الاستسقاءِ؛ فإنه كانَ يرفعُ فيه يديهِ حتَّى يُرى بياضُ إبطيهِ، وكذلك
كان يجتهدُ في الرفع عشيةَ عرفةَ بعرفةَ.
وخرَّج الطبرانيّ رحمه اللَّه تعالى - من حديثِ ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - قالَ: "رأيتُ رسولَ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يدعُو بعرفةَ ويداهُ إلى صدره كاستطعامِ المسكين ".
وقد كان بعضُ الخائفينَ يجلسُ بالليلِ ساكنًا مُطْرقًا برأسِهِ، ويمدُّ يديه كحالِ
السائلِ، وهذا من أبلغ صفاتِ الذلِّ وإظهارِ المسكنةِ والافتقارِ.
ومن ذلك أيضًا افتقارُ القلبِ في الدعاءِ وانكساره للَّه عز وجل واستشعارهِ
شدةُ الفاقَةِ إليه والحاجةِ.
وعلى قَدرِ هذه الحرقةِ والفَاقةِ تكونُ إجابة الدعاءِ.
وفي "المسندِ" والترمذي عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:
"إن اللَّه لا يستجيبُ دُعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍ ".
ومن ذلكَ: إظهارُ الذلِّ باللسانِ في نفسِ السؤالِ والدعاءِ والإلحاح فيه.
قال الأوزاعيُّ - رحمه اللَّه تعالى -: كان يُقال:
"أفضلُ الدعاءِ الإلحاحُ على اللَّه والتضرعُ إليه ".
وفي الطبراني عن ابنِ عباسٍ - رضي الله عنهما - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دعا يوْمَ عرفةَ فقالَ:
"اللهمَّ إنَك ترى مكانِي وتسمعُ كلامِي ولا يخْفَى عليكَ شيءٌ من أمَرِي،