صلَّى صلاةً جَهَر فيها بالقراءةِ فلما فرغ قال: "هل أسْقَطتُ من هذه السورة
شيئا؟ ". قالوا: لا ندري، فقال أبيُّ بن كعبٍ: نعم آيةَ كذا وكذا، فقالَ رسولُ اللَّه - صلى الله عليه وسلم -:
"ما بالُ أقوامٍ، يُتلَى عليهم كتابُ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فلا يدرونَ ما يُتلى منه ممَّا
تُرِكَ، هكذا خرجتْ عظمةُ اللَّهِ من قلوبِ بني إسرائيلَ، شهدِتْ أبدانُهم وغابتْ قُلوبُهُم، ولا يقبلُ اللَهُ من عبدٍ عملاً حتى يشهدَ بقلبِهِ مع بدَنِهِ ".
والآثارُ في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا.
ومر عصامُ بن يوسفَ - رحمه الله تعالى - بحاتمٍ الأصمِّ وهو يتكلمُ في
مجلسِهِ، فقالَ: يا حاتمُ، تحسنُ تصلِّي؟
قال: نعم! قال: كيفَ تصلي؟ قال
حاتم: أقوم بالأمرِ، وأمشي بالخشيةِ، وأدخل بالنِّيَّةِ، وأُكبِّر بالعظمةِ، وأقرأُ
بالترتيلِ والتفكرِ، وأركعُ بالخشوع، وأسجدُ بالتواضع، وأجلسُ للتشهدِ
بالتمامِ وأسلِّمُ بالسبيلِ والسُّنةِ، أسلمها بالإخلاصِ إلى اللَّه عز وجل، وأرجعُ على نفسِي بالخوفِ، أخاف أن لا يُقبلَ منِّي، وأحفظُهُ بالجهدِ إلى الموت، قال: تكلَّم " فأنت تحسنُ تصلِّي.
ومن أنواع العباداتِ التَّي يظهرُ فيها الذلُّ والخضوعُ للَّهِ عز وجل: الدعاءُ.
قالَ اللَّهُ عز وجلَّ: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) .
وقالَ: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠) .
فمما يظهر فيه الذلُّ من الدعاء رفعُ اليدينِ.