للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن ارتقى إلى الإتيانِ بآدابِهِ وفضائِلِهِ كانَ أكملَ، في الملأ الأعْلَى، ومباهاة

الملائكةِ، وقد يراد بالقبولِ: الثوابُ على العملِ، وإن لم يرضَ به والقبولُ هنا يُراد به: الرضا بالعملِ، والمدحُ لعاملِهِ، والثناءُ عليه، في الملأ الأعلى.

ومباهاة الملائكةِ.

وقد يُرادُ بالقبول: الثوابُ على العملِ، وإن لم يرضَ به ولم يمدحْ عاملُهُ.

فيجازى عليه بأنواع من الجزاءِ، فضلاً من اللهِ وإحسانًا، وإن لم يرضَ عن

عاملِهِ كما رُؤيَ بعضُ المفرطينَ في النومِ فسُئِلَ عن حالِهِ فقالَ: غَفرَ لي

وأعرض عني، وعن جماعة من العلماءِ لم يعملُوا بعلمِهِم.

ويطلقُ القبولُ على إسقاطِ الفرضِ بالعملِ، وإن لم يُثَبْ عليه بثوابٍ غيرِ

سقوطِ العقوبةِ والمطالبةِ بأداءِ الفرضِ بهِ، والعارفون كلهم إنَما يطلبون القبولَ بالوجهِ الأولِ، وهو الرضا، ويخافون من فواتِهِ أشدَّ الخوفِ.

قالَ مالكُ بنُ دينارٍ: "ودِدتُ أنَّ اللَّهَ إذا جمعَ الخلائقَ يقولُ لي: يا مالكُ، فأقولُ: لبيَّكَ، فيأذنُ لي أن أسجدَ بينَ يديهِ سجدةً فأعرفُ أنه قد رضيَ عني، ثم يقولُ: يا مالكُ، كنْ ترابًا اليومَ، فأكونُ ترابًا".

وكان بعضُهم يقولُ في سجودِهِ:

متى ألقاكَ وأنتَ عنَي راضِ. . . وعذبتني بكثرةِ الإعراضِ

وأعتاضُ ولستُ عنه بالمعتاضِ. . . يا من بوصالِهِ شفى أمراضي

هل أنتَ عليَّ ساخطٌ أم راضِ

رضاه أكبرُ من الجنةِ ونعيمِهَا فليسَ للعارفينَ همٌّ سواهُ.

لعلك غضبان وقلبِي غافلٌ. . . سلامٌ على الدارينِ إن كنتَ راضِيًا

<<  <  ج: ص:  >  >>