للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتذكيرِ، ولو لم يِعِظِ النَّاسَ إلا مَعْصُوم مِن الزَّللِ، لم يعِظْ بعدَ رسولِ اللَّهِ

- صلى الله عليه وسلم - أحدٌ لأنه لا عِصْمَةَ لأحدٍ بعدَهُ.

لئن لم يَعظِ العاصِينَ مَنْ هُوَ مُذْنِب. . . فَمَنْ يَعِظِ العَاصِينَ بَعْدَ مُحمَّدٍ

ورَوى ابنُ أبي الدُّنيا بإسنادٍ فيه ضعف، عن أبي هريرةَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ِ، قال: "مُروا بالمعروفِ وإن لم تعملُوا به كُلِّه، وانَهْوا عن المنكَرِ وإن لم تنتهوا عنه كُلِّهِ ".

وقيل للحسنِ: إنَّ فلانا لا يَعِظُ، ويقولُ: أخافُ أنْ أقولَ ما لا أفعلُ.

فقال الحسن: وأَيُّنا يفعلُ ما يقولُ؟!

ودَّ الشيطانُ أنَّه قد ظفِرَ بهذا، فلم يأمُرْ أحدٌ بمعروفٍ ولم ينهَ عن مُنْكَرٍ.

وقال مالكٌ، عن ربيعة: قال سعيدُ بن جُبير: لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهَى عن المنكرِ حتى لا يكونَ فيه شيء، ما أَمَرَ أحدٌ بمعروفٍ ولا نَهَى عن مُنْكرٍ.

قال مالكٌ: وصدَقَ، ومَن ذا الذي ليس فيه شيءُ؟!

مَنْ ذا الَّذي ماساءَ قَطْ. . . ومَنْ لَهُ الحُسْنَى فَقَطْ

خطب عُمَرُ بنُ عبد العزيز - رحمه الله - يومًا، فقال في موعظته: إنِّي

لأقُولُ هذه المقالَةَ وما أعلمُ عند أحدٍ من الذُّنوبِ أكثرَ ممَّا أعلمُ عنْدِي.

فأستغفِرُ اللَّهَ وأتوبُ إليه.

وكتبَ إلى بعض نوَّابِهِ على بعضِ الأمصار كتابًا يعِظُهُ فيه، فقال في آخره: وإنِّي لأعِظُكَ بهذا، وإنِّي لكثيرُ الإسْرافِ على نَفْسِي، غيرُ مُحكم لكثيرٍ من أمْرِي، ولو أن المرءَ لا يعظُ أخاهُ حتى يُحكمَ

نفسهُ إذًا لتواكلَ الناسُ الخيرَ، وإذاً لرُفِعَ الأمر بالمعروفِ والنَهْيُ عن المُنْكَرِ.

وإذاً لاستُحِلَّتِ المَحارِمُ، وقَلَّ الواعِظُونَ والسَّاعون للَّه بالنصِيحةِ في

<<  <  ج: ص:  >  >>