فجائزٌ أن يجمِّعُوا.
وأراد بالتجميع هنا: صلاةَِ الظهرِ جماعةً، لا صلاةَ الجمعةِ؛ فإنه قالى
قبلَه: وإذا فاتتِ الجمعةُ من تجبُ عليهم فلا يجمِّعوا.
والفرقُ بين صلاةِ الظهرِ جماعةً يومَ الجمعةِ، ممَّن تجبُ عليه وممَّن لا تجبُ
عليه: أن من تجبُ عليه يُتَّهمُ في تركِها، بخلاف من لا تجبُ عليه فإن عذرَهُ
ظاهرٌ.
وقد رُويَ عن ابنِ سيرينَ، أن تجميعَ الأنصارِ بالمدينةِ إنما كان عنْ رأيهم.
من غيرِ أمرِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالكليَّةِ، وأن ذلكَ كان قبلَ فرضِ الجمعةِ.
قال عبدُ اللَّهِ ابنُ الإمامِ أحمدَ في "مسائله ": ثنا أبي: ثنا إسماعيلُ - هو:
ابنُ عليَّة -: ثَنا أيوبُ، عنْ محمدِ بنِ سيرينَ، قال: نبِّئتُ أنَّ الأنصارَ قبلَ
قدومِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عليهم المدينةَ قالوا: لو نظرنَا يومًا فاجتمعنا فيه، فذكرنَا هذا الأمرَ الذي أنعمَ اللَّهُ علينا بهِ، فقالُوا: يوم السبتِ، ثُمَّ قالوا: لا نجامعُ اليهودَ في يومِهم.
قالوا: يوم الأحدِ، قالوا: لا نجامعُ النصارَى في يومِهم.
قالُوا: فيوم العروبةِ. قالَ: وكانُوا يسمُّون يومَ الجمعةِ: يوم العروبةِ.
فاجتمعوا في بيتِ أبي أمامةَ أسعد بن زرارة، فذبحت لهم شاةٌ، فكفتْهُمْ.
وروى عبدُ الرزاق في "كتابِه " عن معمرٍ، عن أيوبَ، عن ابن سيرين.
قال: جمَّعَ أهلُ المدينةِ قبلَ أن يقدمَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقبلَ أن تنزلَ الجمعةُ، وهم الذين سمَّوُها الجمعةَ، فقالتِ الأنصارُ: لليهودِ يومٌ يجتمعونَ فيه كلَّ ستةِ أيامٍ، وللنصارَى - أيضًا - مثلُ ذلك، فهلُمَّ فلنجعلْ يومًا نجتمعُ فيه،