واستدل بعضُ أصحابنا على جوازِ غيرِ البيع منَ العقود بالصدقةِ، وقال:
قد أمرَ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يخطبُ.
وهذا لا يصحُّ؛ فإن الصدقةَ قربةٌ وطاعةٌ، وإذا وقعتْ في المسجدِ حيثُ لا
يكره السؤالُ فيه فلا وجْهَ لمنعها.
فإن ألحق بذلكَ عقدُ النكاح في المسجدِ قبلَ خروج الإمامِ كان متوجهًا.
مع أن بعضَ أصحابِنا قد خصَّ الخلافَ بالنكاح، وهو ابنُ عقيلٍ.
وعن أحمدَ روايةٌ: إنه يحرم البيعُ بدخول وقتِ الوجوبِ، وهو زوالُ
الشمسِ.
وقد سبقَ مثلُه عن الحسنِ، وعطاءٍ، والضحاكِ، وهو - أيضًا - قولُ
مسروقٍ، ومسلم بنِ يسارٍ، والثوريِّ، وإسحاقَ.
وقياسُ قولهم: إنه يجبُ السعيُ بالزوال، ويحرمُ حينئذٍ كلُّ شاغلٍ يشغلُ
والجمهورُ: على أنه لا يحرُم بدونِ النداءِ.
ثم الأكثرونَ منهم على أنه النداءُ الثاني الذي بَين يدي الإمامِ؛ لأنه النداءُ
الذي كان في عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فلا ينصرفُ النداءُ عند إطلاقهِ إلا إليه.
وفي "صحيح الإسماعيليِّ " من حديثِ الزهريِّ، عن السائبِ بنِ يزيدَ.
قال: كان النداءُ الذي ذكرَ اللَّهُ في القرآن يومَ الجمعةَ إذا خرجَ الإمامُ، وإذَا
قامتِ الصلاةُ في زمنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمرَ.
وعن أحمدَ روايةٌ: أنه يحرمُ البيعُ ويجبُ السعيُ بالنداء الأولِ.
وهو قولُ مقاتلِ بنِ حيَّانَ، قالَ: وقد كانَ النداءُ الأولُ قبلَ زوالِ الشمسِ.