على خلقِهِ بمجيءِ القرآنِ، فقال: إنَّما يجيءُ ثوابُهُ، كقولِهِ: (وَجَاءَ رَبُّكَ) .
أي: كما تقولون أنتم في مجيءِ اللَّه أنه مجيءُ أمر.
وهذا أصحُّ المسالكِ في هذا المرويِّ.
وأصحابُنا في هذا على ثلاثِ فرقٍ:
فمنهم من يثبتُ المجيءَ والإتيانَ، ويصرحُ بلوازمِ ذلك في المخلوقاتِ.
وربما ذكروه عن أحمدَ من وجوهٍ لا تصحُّ أسانيدُها عنه.
ومنهم من يتأول ذلك على مجيء أمره.
ومنهم من يقرُّ ذلك، ويُمِرُّه كما جاء، ولا يفسِّره، ويقولُ: هو مجيءٌ
وإتيانٌ يليقُ بجلالِ اللَّه وعظمتِهِ سبحانه.
وهذا هو الصحيحُ عن أحمدَ، ومن قبلَه منَ السلفِ، وهو قولُ إسحاقَ
وغيرِه من الأئمةِ.
وكان السلفُ ينسبونَ تأويلَ هذه الآياتِ والأحاديثِ
الصحيحةِ إلى الجهميةِ.
لأن جهمًا وأصحابَهُ أولُ منِ اشتُهِرَ عنهم أنَّ اللَّه تعالى منزهٌ عما دلتْ
عليه هذه النصوصُ بأدلةِ العقولِ التي سمَّوْها أدلةً قطعيةً هي المحكماتُ.
وجعلُوا ألفاظ الكتاب والسنة هي المتشابهاتُ، فعرضُوا ما فِيهَا على تلكَ
الخيالاتِ، فقبِلُوا ما دلَّتْ على ثبوتِهِ بزعمهم، وردُّوا ما دلتْ على نفيه
بزعمهم، ووافقَهم على ذلك سائرُ طوائفِ أهلِ الكلامِ من المعتزلةِ وغيرِهم.
وزعمُوا أنَّ ظاهرَ ما يدلُّ عليه الكتابُ والسنةُ تشبيهٌ وتجسيمٌ وضلالٌ.
واشتقُّوا من ذلك لمن آمنَ بما أنزل اللَّهُ على رسولِهِ أسماءً ما أنزلَ اللَّه بها من