للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكنْ، والمغفرة تتضمن - مع ذلكَ - إفضالَ اللهِ على العبد وإكرامه، وفي هذا نظر.

* * *

دخلتِ امرأةٌ على عائشةَ، قد شُلَّت يدُها فقالتْ: يا أمَّ المؤمنينَ، بتُّ

البارحةَ صحيحةَ اليدِ وأصبحتُ شلاء!! قالتْ عائشةُ: وما ذاك؟

قالتْ: كان لي أبوانِ موسرانِ، كانَ أبي يعطي الزكاةَ، ويُقْرِي الضيفَ، ويعطِي السائلَ، ولا يحقرُ من الخيرِ شيئًا إلا فعلَهُ، وكانتْ أمِّي امرأةً بخيلةً ممسكةً، لا تصنعُ في مالِهَا خَيرًا، فمات أبي ثم ماتتْ أمِّي بعدَ شهرين، فرأيتُ البارحةَ في منامِي أبي، وعندَهُ ثوبانِ أصفرانِ، بينَ يديه نهرٌ جار، قلتُ: يا أبته ما هذا؟

قال يا بنية: من يعملُ في هذه الدنيا خيرًا يره، هذا أعطانيه اللَهُ تعالى.

قلتُ: فما فعلتْ أمِّي؟

قالَ: وقد ماتتْ أمُّكِ؟

قلتُ: نَعم، قالَ: هيهات عُدلت عنا، فاذهبي فالتمسيها ذاتَ الشمالِ، فالتفتُّ عن شمالِي فإذا أنا بأمِّي قائمةٌ عريانةٌ مؤتزرةٌ بخرقةٍ، بيدِها شُحيمةٌ تنادي: وا لهفاه وا حزناه وا عطشاه!! فإذا بلغَهَا الجهدُ دلكتْ تلك الشحيمةَ براحتِهَا ثم لحسَتها، وإذا بينَ يديها نهر جارٍ، قلتُ: أيا أُمَّاه! ما لكِ تنادينَ العطشَ وبين يديكِ نهرٌ جارٍ؟

قالت: لا أتركُ أن أشربَ منه، قلتُ: أفلا أسقيكِ؟

قالتْ: وددتُ أنكِ فعلتِ، فغرفتُ لها غرفةً فسقيتُها، فلمَّا شربتْ نادَى مناد من ذاتِ اليمينِ: ألا من سَقَى هذه المرأةَ شُلَّت يمينُهُ، مرتينِ، فأصبحتُ شلاء اليمينِ، لا أستطيعُ أن أعملَ بيمِيني.

قالتْ لها عائشةُ: وعرَفْتِ الخرقةَ؟

قالتْ: نعم يا أمَّ المؤمنينَ، وهي التي

<<  <  ج: ص:  >  >>