فلذلك شُرعَ ذكرُ اللَّهِ في أيامِ العشر شكرًا على هذه النعم كلِّها، كما
صرَّح به في قولِهِ تعالى: (كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّروا اللَّهَ عَلَى ما هَدَاكُم) ، كما أمَرَ بالتكبيرِ عندَ قضاءِ صيامِ رمضانَ، وإكمالِ العدةِ، شكرًا
على ما هدانا إليه من الصيامِ والقيامِ المقتضِي لمغفرةِ الذنوبِ السابقةِ.
وأمَّا الأيامُ المعدوداتُ:
فالجمهورُ على أنَّها أيامُ التشريقِ، ورُوي عن ابنِ عُمرَ وابنِ عباسٍ
وغيرِ هِما.
واستدل ابنُ عُمرَ بقولهِ: (فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) .
وإنَّما يكون التعجيلُ في ثاني أيامِ التشريقِ.
قال الإمامُ أحمدُ: ما أحسنَ ما قالَ ابنُ عمرَ.
وقد رُوي عن ابنِ عباسٍ وعطاء أنها أربعةُ أيام: يومُ النحرِ، وثلاثة بعدَه.
وفي إسناد المرويِّ عن ابنِ عباسٍ ضعفٌ.
وأمَّا ما ذكرَه البخاريُّ عن ابنِ عمرَ وأبي هريرةَ، فهو من روايةِ سلامٍ أبي
المنذرِ، عنْ حميدٍ الأعرج، عن مجاهدٍ، أن ابنَ عمرَ وأبا هريرةَ كانا يخرجانِ
في العشر إلى السوقِ يكبِّرانِ، لا يخرجَانِ إلا لذلكَ.
خرَّجه أبو بكر عبدُ العزيز بنُ جعفرَ في "كتاب الشافي " وأبو بكرٍ المروذيُّ
القاضي في "كتاب العبدين ".
ورواه عفانُ: نا سلام أبو المنذرِ - فذكره، ولفظه: كانَ أبو هريرةَ وابنُ عُمرَ يأتيانِ السوقَ أيامَ العشر، فيكبِّرانِ، ويكبِّرُ الناسُ معهما، ولا يأتيانِ لشيءٍ