وبُنيَ على ذلك مسألةُ محمدِ بنِ الحسنِ التي ذكرَهَا في "الجامع الكبيرِ":
إذا كان لِرجلٍ أربعُ نسو فقالَ: واللَّهِ لا أقربُ واحدةً منْكُنَّ صارَ مُوليًا منهنَّ
جميعًا، ولم يَجُزْ أن يقربَ واحدةً منهن إلا بكفارة، ولوْ قالَ: واللَّهِ لا أقربُ
إحداكُن لم يصِر مُوليًا إلا منْ إحداهُنَّ والبيانُ إليهِ.
وقال العسكريُّ: أصلُ أحدٍ أوحَدُ مثلُ أكبرِ، وإحْدى مثل كُبْرى، فلمَّا
وقَعَا اسمينِ وكانا كثيرَي الاستعمالِ هرَبُوا إلى الكسرةِ ليخفَّ، وحذفُوا الواوَ
ليفرقُوا بين الاسم والصفةِ، وذلك أنَّ أوحدَ اسمٌ وأكبر منه.
والواحدُ فاعلٌ منْ وحَدَ يَحِدُ وهو واحدٌ مثل: وَعَدَ يَعِدُ فهو واعدٌ.
سؤالٌ: قوله: (اللَّهُ أَحَدٌ) ولم يقل الأحد كما قال: (الصَّمَدُ) ؟
جوابه: أنَّ الصمدَ يُسمَّى به غيرُ اللَّهِ كما يأتِي ذكرُهُ، فأتى فيه بالألفِ
واللامِ ليدلَّ على أنَّه - سبحانه - هو المستحقُ لكمالِ الصَّمَديّةِ، فإنَّ الألفَ
واللام تأتي لاستغراقِ الجنسِ تارةَّ، ولاستغراقِ خصائصَ أخرى، كقولِهِ: زيدٌ هو الرجلُ أي: الكاملُ في صفاتِ الرجولةِ فكذلكَ قولُهُ: (اللَّهُ الصَّمَدُ) أى: الكاملُ في صفاتِ الصمديَّةِ.
وأما الأحدُ فلم يَتَّسِمْ به غيرُ اللَّهِ فلمْ يحتجْ فيه إلى الألفِ واللامِ.
قولُهُ: (اللَّهُ الصَّمَدُ) أعادَ الاسمَ المبتدأ تأكيدًا للجملةِ وخبرُة الصمدُ.
وقيلَ: هو نعتٌ والخبرُ ما بعدَهُ.
والصمدُ: اختلفتْ عِباراتُ السَّلفِ في معناه، وهي متقاربة أو متفقةٌ
والمشهور منها قولان:
أحدُهما: أنَّ الصمدَ هو السَّيدُ الذي تصْمُدُ إليه الخلقُ في حوائجِهِم