ذلكَ في المسجدِ في الصلواتِ وغيرِها، ولم يزلْ يذكرُ تحريمَ ما حرَمه اللَّهُ في
المساجدِ وفي خطبِهِ على المنبرِ، وهذا البابُ مما لا تدعُو الحاجةُ إليه؛ لظهوره.
ولكن يشكل في هذا الحديثِ أمرانِ:
أحدُهُما: أن تحريمَ التجارة في الخمرِ مما شرعَ من حينِ نزولِ تحريمِ الخمرِ.
ولم يتأخرْ إلى نزولِ آياتِ الرًّبا، فإنَّ آياتِ الرّبا من آخر ما نزلَ من القرآنِ.
كما رَوَى البخاريّ في "التفسيرِ" من روايةِ الشعبيِّ، عن ابنِ عباسٍ، قال:
آخرُ آيةٍ نزلتْ على رسولِ اللَّه - صلى الله عليه وسلم - آيةُ الرئا.
وفي "الصحيحينِ " عن جابرٍ، أنه سمعَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عامَ الفتح وهو بمكةَ يقولُ: "إن اللَهَ ورسولَهُ حرَّمَ بيع الخمر والميتةَ والخنزيرَ والأصنامَ ".
وخرَّج مسلم من حديثِ أبي سعيد الخدري، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "يا أيها
النَّاسُ، إن اللَّهَ يعرِّض بالخمرِ، ولعل الله سينزلُ فيها أمرًا، فمنْ كانَ عندَهُ منها شيء فليبْعهُ ولينتفعْ بهِ " قال: فما لبثنا إلا يسيرًا حتَى قالَ: "إن اللَّه حرَّم الخمرَ، فمنْ أدركتْه هذه الآيةُ وعندَهُ منها شيء فلا يشربْ ولا يبعْ "، قال: فاستقبلَ الناسُ بما كانَ عندَهُم منها في طريقِ المدينةِ فسفكُوهَا.
وهذا نصّ في تحريمِ بيعِها مع تحريمِ شربِها.
والثاني: أن آياتِ الربا ليسَ فيها ذكرُ الخمرِ، فكيفَ ذكرَ تحريمَ التجارةِ في
الخمرِ مع تحريمِ الرِّبا؟
ويجابُ عن ذلكَ: بأنَّ مرادَ عائشةَ: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخبرَ بتحريمِ التجارةِ في