وإخراج النباتِ، وغيرِ ذلك؛ فإنَّ هذه النِّعمة كلَّها قد عمَّتْ خلْقًا من بني آدمَ كفَرُوا باللَّهِ وبرُسُلهِ وبلقاءهِ، فبدّلوا نعمةَ اللَّهِ كفرًا.
وأمَّا النِّعْمةُ بإرسالِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فإنَّ بها تمَّتْ مصالحُ الدنيا والآخرةِ، وكَمُلَ بسببها دينُ اللهِ الذي رَضيَهُ لعبادِه، وكان قبولُه سببَ سعادَتِهِم في دُنياهم وآخرتِهِم، فصيامُ يومٍ تجدَّدَتْ فيه هذه النِّعمُ من اللَّه على عبادهِ المؤمنينَ حسنٌ جميلٌ، وهو من بابِ مقابلةِ النِّعم في أوقاتِ تجدُّدِها بالشكر.
ونظيرُ هذا صيامُ يومِ عاشوراءَ حيث أنجَى اللَّهُ فيه نوحًا من الغرقِ، ونجَّى فيه
موسى وقوْمَه من فرعون وجنودِهِ، وأغرقهم في اليمِّ، فصامَهُ نوح وموسى
شكرًا للَّهِ، فصامَهُ رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - متابعةً لأنبياءِ اللَّهِ، وقال لليهودِ:"نحنُ أحقُّ بموسى منكم " فصامه وأمَرَ بصيامِهِ.
وقد رُوي أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يتحرَّى صيامَ يومِ الاثنينِ ويومِ الخميس، رُوي ذلك عنه من حديثِ عائشةَ، وأبي هريرةَ، وأسامةَ بن زيدٍ.
وفي حديثِ أُسامةَ أنَّه سأله عن ذلك، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّهما يومان تُعرَضُ فيهما الأعمالُ على رَبِّ العالمين، فأُحِبُّ أن يُعْرَضَ عمَلِي وأنا صائم".
وفي حديثِ أبي هريرةَ، أنَّه سُئِلَ عن ذلك، فقال، "إئه يُغْفَرُ فيهما لكل مسلم، إلا مُهْتجِرَيْنِ، يقولُ: دعْهُما حتى يصطلحا".