ثمَّ ذكر صفةَ صلاةِ الخوفِ، فكان ذلك تفسيرًا للقَصْرِ
المذكورِ في الآيةِ الأولى.
وهذا هو الذي يُشير إليه البخاريُّ، وهو مَرْوي عن مُجاهد والسُّدِّيِّ
والضَّحَّاكِ وغيرِهِم، واختارَهُ ابنُ جريرٍ وغيرُهُ.
وتقديرُ ذلك من وَجْهَيْنِ:
أحدُهُما: أنَّ المراد بقصرِ الصلاةِ قصرُ أركانِها بالإيماءِ ونحوهِ، وقصرُ عددِ
الصلاةِ إلى ركعةٍ، فأمَّا صلاة السفرِ، فإنها ركعتانِ، وهي تمامٌ غيرُ قصرٍ، كما قاله عمرُ - رضي الله عنه -.
ورَوى سماكٌ الحنفيُّ، قالَ: سمعتُ ابنَ عمرَ، يقولُ: الركعتانِ في السفرِ
تمامٌ غيرُ قصرٍ، إنما القصرُ صلاةُ المخافةِ.
خرَّجه ابنُ جريرٍ وغيرُه.
ورَوى ابنُ المباركِ عن المسْعُودِيِّ، عن يزيدَ الفقِيرِ، قالَ: سمعتُ جابرَ بنَ
عبدِ اللَّهِ يُسألُ عن الركعتينِ في السفرِ، أقصْرٌ هُما؟
قال: إنَّما القصرُ ركعةٌ عند القتال، وإن الركعتينِ في السفرِ ليستا بقصرٍ.
وخرَّج الجوزَجانيُّ من طريقِ زائدةَ بنِ عُميرٍ الطَّائيِّ، أنه سأل ابنَ عباسٍ
عن تقصيرِ الصلاةِ في السفرِ، قال: إنها ليستْ بتقصير، هما ركعتانِ من حين
تخرجُ من أهلِكَ إلى أن ترجعَ إليهم.