وهذا أصحّ عند البخاريِّ، وكذلكَ صحَّح إرسالَهُ عبدُ العزيز النخشبيُّ
وغيرُهُ من الحفاظِ.
وأما أبو حاتمٍ الرازيُّ، فإنَّه قال - في حديثِ منصور، عن مجاهدٍ، عن
أبي عياشٍ -: إنه صحيحٌ، قيل له: فهذه الزيادةُ "فنزلتْ آيةُ القصرِ بينَ
الظهرِ والعصرِ" محفوظة هي؛ قالَ: نعم.
وقال الإمامُ أحمدُ: كُلُّ حديثٍ رُوي في صلاةِ الخوفِ فهو صحيحٌ.
وقد جاءَ في روايةٍ: فنزلتْ: (وَإِذَا كنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ) .
وهذا لا ينافي روايةَ: "فنزلتْ آيةُ القصرِ" بل تبيَّن أنه لم تنزل آيةُ القصرِ
بانفرادِها في هذا اليومِ، بل نزل معها الآيتانِ بعدَها في صلاةِ الخوفِ.
وهذا كلّه مما يشهد بأن آية القَصْرِ أُريدَ بها قصْرُ الخوفِ في السفرِ، وإنْ
دلَّت على قصرِ السفرِ بغيرِ خوفٍ بوَجْهٍ من الدلالةِ، واللَّهُ سبحانه وتعالى
أعلمُ.
[قالَ البخاريُّ] : نا أبو اليمانِ: ثنا شُعيْب عن الزُّهريِّ، قالَ: سألتُهُ:
هلْ صلَّى النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - صلاةَ الخوفِ؟
فقالَ: أخبرني سالمٌ أنَّ عبدَ اللَّه بنَ عُمرَ.
قالَ: غزوتُ معَ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قبلَ نَجْدٍ، فوازَيْنا العدُوَّ، فصاففنا لهُم، فقام رسول اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصلِّي لنا، فقامتْ طائفةٌ معَهُ وأقْبلتْ طائفة على العدوِّ، وركعَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بمن معَهُ وسجدَ سجْدتيْنِ، ثمَّ انصرفُوا مكانَ الطائفة
التي لم تُصَلِّ، فجاءُوا فركعَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بهم ركعةً وسجدَ سجْدتينِ، ثم سلَّمَ، فقامَ كُل واحدٍ منهم فركعَ لنفْسِهِ ركعة وسجدَ سجدتينِ ".