وكذلك حملَ إسحاقُ بنُ راهويه حديثَ: "من أتى حائضًا - أو امرأةً - في
دُبُرها فقد كفر" على المستحل لذلكَ: نقله عنه حربٌ وإسحاقُ الكوسجُ.
ومنهم: من يحملُها على التغليظِ والكفر الذي لا ينقلُ عن الملةِ، كما
تقدَّمَ عن ابنِ عباس وعطاءٍ.
ونقلَ إسماعيلُ الشالنجي عن أحمدَ، وذُكِرَ له قولُ ابنِ عباسٍ المتقدمُ.
وسأله: ما هذا الكفرُ؟
قال أحمدُ: هو كفر لا ينقلُ عن الملةِ، مثلُ الإيمانِ
بعضُه دونَ بعضٍ، فكذلك الكفرُ، حتى يجيءَ من ذلكَ أمرٌ لا يختلفُ فيه.
قال محمدُ بنُ نصرٍ المروزيُّ:
واختلفَ من قالَ من أهلِ الحديثِ: إن مرتكبَ الكبائرِ مسلم وليسَ بمؤمنٍ: هل يسمَّى كافرًا كفرًا لا ينقلَ عن الملةِ؟
كما قال عطاءٌ: كفر دون كفرٍ، وقالَ ابنُ عباس وطاووسُ: كفرٌ لا ينقلُ عن الملةِ؛ على قولينِ لهم.
قالَ: وهما مذهبانِ في الجملةِ محكيانِ عن أحمدَ بنِ حنبلِ، في موافقيه
من أهلِ الحديثِ.
قلتُ: قد أنكرَ أحمدُ - في روايةِ المرُّوذيِّ - ما رُوي عن عبدِ اللَّهِ بنِ عمرٍو
أنَّ شاربَ الخمرِ يسمَّى كافرًا، ولم يُثْبِتْه عنه، مع أنَّه قد رُوي عنه من وجوهٍ
كثيرةٍ، وبعضُها إسنادُهُ حسن.
ورُوي عنه مرفوعًا.
وكذلك أنكر القاضي أبو يعلى جوازَ إطلاقِ كفرِ النعمةِ على أهلِ الكبائرِ.
ونصبَ الخلافَ في ذلك معَ الزيديةِ من الشيعةِ والإباضيةِ من الخوارج.