ومن قامَرَ، فربما قُهِرَ وأُخذَ مالُه منه قهرًا، فلم يبقَ له شيء فيشتدُّ حِقدُهُ
على من أخذ مالَهُ.
وكلُّ ما أدَّى إلى إيقاع العداوةِ والبغضاءِ كان حرامًا.
وأخبر سبحانه أنَّ الشيطانَ يصدُّ بالخمرِ والميسرِ عن ذكرِ اللَّهِ وعن الصلاةِ.
فإنَّ السكرانَ يزولُ عقلُهُ، أو يختل، فلا يستطيعُ أن يذكرَ اللَهَ، ولا أن
يُصلِّي، ولهذا قال طائفة من السلفِ: إن شارب الخمرِ تمر عليه ساعة لا
يعرفُ فيها ربَّه، واللَّهُ سبحانه إنما خلقَ الخلقَ ليعرِفُوه، ويذكرُوه، ويعبدُوه، ويُطيعوه، فما أدَّى إلى الامتناع من ذلك، وحالَ بين العبدِ وبين معرفةِ ربَه
وذكرهِ ومناجاتِهِ، كان محرَّمًا، وهو السُّكْرُ، وهذا بخلافِ النَّومِ، فإنَّ اللَّهَ عزَّ وجل جَبَلَ العبادَ عليه، واضطرهُم إليه، ولا قِوامَ لأبدانِهِم إلا به، إذ هو راحة لهم من السعي والنَّصَبِ، فهو من أعظم نعم اللَّهِ على عبادِهِ، فإذا نامَ المؤمنُ بقدرِ الحاجةِ، ثم استيقظَ إلى ذكرِ اللهِ ومناجاتِهِ ودعائِهِ، كان نومُه
عونًا له على الصلاةِ والذكرِ، ولهذا قالَ من قالَ من الصحابةِ: إني أحتسبُ
نَوْمَتِي كما أحتسبُ قَوْمَتِي.
وكذلك الميْسرُ: يصُدُّ عن ذكرِ اللهِ وعنِ الصلاةِ، فإنَّ صاحبَه يعكفُ بقلبِهِ
عليه، ويشتغلُ به عن جميع مصالحِهِ ومهماتِهِ حتى لا يكادُ يذكرُها لاستغراقِهِ
فيه، ولهذا قالَ عليّ لما مرَّ على قومٍ يلعبون بالشطرنج: ما هذهِ التماثيلُ التي
أنتُم لها عاكفونَ؛ فشبَّههم بالعاكفينَ على التماثيلِ.
وجاءَ في الحديثِ: "إنَ مُدْمِنَ الخمْرِ كعابدِ وثنٍ " فإنه يتعلَّقُ قلبُه بها، فلا يكادُ يُمكِّنه أن يدعَها كما