الحسنِ، قال: إنَّ رجلاً من صدرِ هذهِ الأمةِ كانَ إذا دخلَ المقابرَ نادَى:
يا أهلَ القبورِ بعد الرفاهيةِ والنعيم معالجة الأغلالِ في النارِ، وبعد القطنِ والكتانِ لباسُ القطرانِ، ومقطعات للنيرانِ، وبعدَ تلطفِ الخدمِ والحشم، ومعانقة الأزواج، مقارنةُ الشيطانِ في نارِ جهنَم مقرنين في الأصفادِ.
وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادِهِ عن وهبِ بنِ منبهٍ، قال: أما أهلُ النارِ الذينَ
هم أهلُها فهم في النارِ لا يهدؤون ولا ينامونَ ولا يموتونَ، ويمشونَ على
النارِ، ويجلسونَ على النارِ، ويشربونَ من صديدِ أهلِ النارِ، ويأكلونَ من
زقومِ النارِ، فرشُهم ولحفهم نار، وقمصُهُم نار وقطران، وتغشى وجوهَهُمُ
النارُ، وجميعُ أهلِ النارِ في سلاسلَ بأيدي الخزنةِ أطرافُها يجذبونَ مقبلينَ
ومدبرينَ، فيسيلُ صديدُهم إلى حفرٍ في النارِ، فذلكَ شرابُهُم، قالَ: ثم بَكَى
وهب حتى سقطَ مغشيًا عليهِ.
وغلبَ بكرُ بنُ خنيسٍ عندَ روايتِهِ هذا الحديثِ البكاءُ حتى قامَ فلم يقدرْ أن يتكلمَ، وبكى محمدُ بنُ جعفرٍ بكاءًا شديدًا.
وبإسنادِهِ عن هدابٍ، قال: أقبلتْ أمُّ يحيى بن زكريا على يحيى في ثوبٍ
تعالجه لَهُ ليلبسه، فقال لها: أفعل، فقالتْ: من أيِّ شيءٍ؟ قالَ من شعرٍ.
قالتْ: يا بنيَّ إذًا يأكلُ لحمَكَ، قال: يا أمَّه، إذا ذكرتُ مقطعاتِ أهلِ النارِ
لانَ عليَّ جِلْدي.
وكان عطاء الخراسانيُّ ينادِي أصحابهُ في السفرِ: يا فلانُ ويا فلانُ قيامُ هذا
الليلِ وصيامُ هذا النهارِ أيسرُ من شراب الصديد ومقطعات الحديد ألواحًا ثم
ألواحًا ثم ألواحًا، ثم يقبلُ على صلاتِهِ.
* * *