للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبحانَك، فتتصدعُ له مدائنُ الجنةِ وقصورُها ويتجاوبُ فصولُ شجرِها، وأنهارِها وجميع ما فيها: سبحانك سبحانك، فاحتقرُوا الجنَّةَ وجميعَ ما فيها، حين نظرُوا إلى وجهِ اللَّهِ تعالى".

ويُروى من حديثِ عليٍّ، مرفوعًا: "إنَّ اللَّهَ يتجلَّى لأهلِ الجنةِ عن وجهِهِ.

فكأنَّهُم لم يروا نعمةً قبلَ ذلك، وهو قولُه: (وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ) ".

ويُروى من حديثِ أبي جعفرٍ مُرسلاً: "إنَّ أهلَ الجنةِ إذا زارُوا ربَّهم تعالى

وكشفَ لهم عن وجهِهِ، قالُوا: ربَّنا أنتَ السلامُ ومنكَ السلامُ وبكَ حقُّ الجلالِ والإكرام، فيقولُ تعالى: مرحبًا بعبادِي الذين حفظوا وصيَّثتي ورَاعُوا عهدِي وخافُوني بالغيبِ، وكانُوا منِّي على كلِّ حال مُشفقينَ.

فقالُوا: وعزَّتِكَ، وعظمتِكَ وجلالِكَ ما قدرْنَاكَ حقَّ قدرِكَ، وما أدَّيْنا إليكَ كلَّ حقِّكَ، فأذنْ لنا بالسجودِ لك، فيقول لهُم عزَّ وجلَّ: إنِّي قد وضعتُ عنكُم مؤنةَ العبادةِ، وأرحتُ لكُم أبدانَكُم، فطالمَا أنصبتُم لي

الأبدانَ، وأعنيتم الوجوهَ، فالآنَ أفضيتُم إلى رَوحِي ورحمتِي وكرامتِي، فسلُونِي ما شئتُم وتمنَّوا عليَّ أُعطِكُم أمانيكُم، فإني لم أجزْكُمُ اليومَ بقدرِ أعمالِكُم، ولكن بقدرِ رحمتِي وكرامتِي، فما يزالونَ في الأمانيِّ والعطايا والمواهبِ، حتى إنَّ المقصّرَ منهم في أُمْنِيَّتِهِ ليتمنَّى مثلَ جميع الدنيا منذ خَلقَهَا اللَّهُ إلى أنْ أفناها، فيقولُ لهم الربُّ تباركَ وتعالى:

لقد قصَّرتم في أمانيِّكُم ورضيتُم بدونِ ما يحقُّ لكُم، فقد أوجبتُ لكم ما سألتُم وتمنيتُم، وألحقتُ بكم ذريتَكُم وزِدتُكُم ما قصرَتْ عنه أمانيُّكُم ".

قال عبدُ الرحمنِ بنُ أبي ليلى: إذا تجلَّى لهم ربُّهم لا يكونُ ما أعطوا عند

ذلك بشيءٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>