قال: أبكي نفسي قبل يوم البكاءِ، أبكي نفسِي قبلَ أن لا ينفعَ
البكاءُ، ثم دعا بجمرٍ فوضًع عليه حتى إذا حرَّهُ رفعها، وقال: أوه
لعذابِ اللَّهِ، أوه أوه قبل أن لا ينفع أوه.
وروى ثابتُ البناني عنْ صفوانَ بنِ محرزٍ قالَ: كان لداودَ - عليه السلامُ -
يومٌ يتأؤَهُ فيه يقول: أوَّه أوَّه من عذابِ اللَّهِ - عزَّ وجلَّ - قبل أن لا ينفعَ أوَّه، قال: فذكرَها صفوانُ ذاتِ يومٍْ في جلسٍ فبكى حتى غلبَهُ البكاءُ، فقامَ.
وقال عبدُ اللَّهِ بنُ رياح الأنصاريُّ، سمعتُ كعبًا، يقولُ:(إِنَّ إِبْرَاهيمَ
لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ) ، قال: كان إذا ذكر النارَ قال: أوَّاه من النارِ أوَّاه من
النارِ.
وعن أبي الجوزاءِ وعبيدِ بن عميرٍ نحوُ ذلك.
وروى ابنُ أبي الدنيا بإسنادٍ له عن رياح القيسى: أنه مرَّ بصبيٍّ يبكي
فوقفَ عليه يسأله: ما يبكيك يا بني، وجعلَ الصبيُّ لا يحسنُ يجيبُهُ ولا يردّ
عليه شيئًا، فبكى رياحٌ ثم قال ليس لأهلِ النارِ راحةً ولا معول إلا البكاءُ.
وجعل يبكي.
وبإسنادٍ له آخرَ: أنَّ رياحاً القيسي زارَ قومًا، فبكى صبيٌّ لهم من الليل.
فبكى رياحٌ لبكائِهِ حتى أصبح، فسئلَ بعد ذلك عن بكائه، فقال: ذَكر ببكاءِ الصبي بكاءَ أهلِ النارِ في النارِ ليس لهم نصيرٌ، ثم بكى.