للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه جوارحٌ حفظنَاها في الصغرِ، فحفظَها اللَّهُ علينا في الكِبَرِ.

وعكسُ هذا أن الجنيدَ رأى شيخًا يسألُ الناسَ فقالَ: إنَّ هذا ضيع اللَّهَ في

صغرِهِ، فضيعه اللَّهُ في كبره.

وقد يحفظُ اللَّهُ العبدَ بصلاحِهِ في ولدِهِ وولدِ ولدهِ، كما قيلَ في قولهِ

تعالى: (وَكَانَ أَبوهُمَا صَالِحًا) : إنَّهما حفظا بصلاح أبيهما.

وقال محمدُ بنُ المنكدرِ: إنَّ اللَّهَ ليحفظ بالرجلِ الصالح ولدَه وولدَ ولدِهِ

وقريتَهُ التي هو فيها، والدويراتِ التي حولها فما يزالونَ في حفظِ اللَّهِ

وستره.

وقال ابنُ المسيبِ لابنِهِ: يا بني، إني لأزيدُ في صلاتِي من أجلِكَ، رجاءَ

أن أحفظَ فيكَ، وتلا هذه الآية: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا) .

وقال عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ رحمهُ اللَّهُ: ما منْ مؤمن يموتُ إلا حفظَهُ اللَّهُ

تعالى في عقبِهِ وعقبِ عقبِهِ.

وقال يحيى بن إسماعيلَ بنِ سلمةَ بنِ كُهيْلٍ: كان لي أختٌ أسنُّ منِّي.

فاختلطتْ وذهب عقلُها وتوحشتْ، وكانت في غرفة في أقصى سطوحِنا

فمكثتْ بذلك بضْعَ عشرة سنةً، فبينما أنا نائمٌ ذاتَ ليلةٍ إذا بابٌ يدقُّ نصفَ الليلِ، فقلتُ: من هذا؛ قالتْ: كجه، فقلتُ: أختِي؛ قالتْ أختُكَ، ففتحتُ البابَ فدخلتْ ولا عهدَ لها بالبيتِ أكثرَ من عشر سنين.

فقالتْ: أتيتُ الليلةَ في منامِي فقيلَ لي: إنّ اللَّهَ حفظَ أباك إسماعيلَ لسلمةَ جدِّك، وحفظكِ لأبيكَ إسماعيلَ، فإن شئتِ دعوتُ اللَّهَ فذهبَ ما بِك، وإن شئت صبرتِ ولك الجنةُ، فإن أبا بكرٍ وعمرَ قد شفعا لكِ إلى اللَّهِ عزًّ وجلَّ بحبًّ

<<  <  ج: ص:  >  >>