ومعلومٌ أنَّ ما دخلَ في مسمَّي الشجرةِ والنخلةِ من فروعِهَا وأغصانِهَا.
وورقِها وثمرِهَا، إذا ذهبَ شيءٌ منه لم يذهبْ عن الشجرةِ اسمُها، ولكن
يقالُ: هي شجرةٌ ناقصةٌ، وغيرُها أكملُ منها، فإن قُطعَ أصلُها وسقطتْ لم
تبقَ شجرةً، وإنما تصيرُ حطبًا.
فكذلك الإيمانُ والإسلامُ، إذا زالَ منه بعضُ ما يدخلُ في مسماة - مع بقاءِ
أركانِ بنيانِهِ - لا يزولُ به اسمُ الإسلامِ والإيمانِ بالكليةِ، وإن كان قد سُلِبَ
الاسمُ عنه، لنقصِه، بخلافِ ما انهدمتْ أركانُهُ وبنيانُهُ، فإنَّه يزول مسماهُ
بالكليةِ، واللَّهُ أعلم.
* * *
ضربَ العلماءُ مثلَ الإيمانِ بمثلِ شجرةٍ لها أصلٌ وفروعٌ وشُعَبٌ، فاسمُ
الشجرةِ يشملُ ذلكَ كلَّه، ولو زالَ شيءٌ من شُعَبها وفروعِها، لم يزُلْ عنها
اسمُ الشجرةِ، وإنَّما يُقال: هي شجرةٌ ناقصةٌ أو غيرُها أتمُّ منها.
وقد ضربَ اللَّهُ مثلَ إلإيمانِ بذلكَ في قولِهِ تعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَ) .
والمرادُ بالكلمةِ كلمةُ التَّوحيدِ، وبأصلها: التَّوحيدُ، الثَّابتُ في القلوبِ.
وأُكُلُها: هو الأعمالُ الصالحةُ الناشئةُ منه.
وضربَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مثلَ المؤمنِ والمسلم بالنَّخلةِ
ولو زالَ شيءٌ من فروع النخلةِ أو من ثمرِهَا، لم يزلْ بذلكَ عنها اسمُ النخلةِ بالكليةِ، وإن كانت ناقصةَ الفروع أو الثَّمرِ.
* * *