فذكرَ منها، قال:"وأُعطيتُ جوامِعَ الكَلِم، وكانَ أهلُ الكتابِ يجعلونها جزءًا باللَّيلِ إلى الصباح، فجمعَهَا لي ربِّي في آيةِ واحدة:(سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وَهًوَ الْعَزِير الحَكِيمُ) ".
فجوامِعُ الكلِم التي خُصَّ بها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - نوعانِ:
أحدُهُما: ما هو في القرآنِ، كقولِهِ عزَّ وجلَّ:(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (٩٠) .
قال الحسنُ: لم تتركْ هذه الآيةُ خيرًا إلا أمرت به، ولا شرًّا إلا نهتْ عنه.
والثاني: ما هو في كلامِهِ - صلى الله عليه وسلم -، وهو منتشرٌ موجودٌ في السُّنن المأثورةِ عنه - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
فقولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللَهَ كتبَ الإحسانَ على كُلِّ شيءِ"، وفي روايةٍ لأبي إسحاقَ الفزاريِّ في كتابِ:"السيرِ" عن خالدٍ، عن أبي قلابة، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
"إنَّ اللَّهَ كتبَ الإحسانَ على كلِّ شيء" أو قال: "على كُل خلقٍ".
هكذا خرَّجَها مرسلةً، وبالشكِّ في "كلِّ شيءٍ" أو "كلِّ خلقٍ".
وظاهرُهُ يقتضي أنه كتبَ على كلِّ مخلوقٍ الإحسانَ، فيكونُ كلُّ شيءِ أو كلُّ مخلوقٍ هو المكتوبَ عليه، والمكتوبُ هو الإحسانُ.
وقيلَ: إنَّ المعنى: إنَّ اللَّهَ كتبَ الإحسانَ إلى كلِّ شيءِ، أو في كلِّ شيء،