أفضلَ القصدِ عند الجدة، وأفضلَ العفوِ عندَ المقدرة.
يعني أفضلَ ما اقتصدَ الإنسانُ في عيشِهِ وهو واجدٌ قادر، وهذه حالُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفائهِ الراشدينَ، لم تغيرْهُم سعةُ الدنيا والملكُ ولم يتنعمُوا في الدنيا.
وقد رُويَ عن سليمانَ عليه السلامُ، أنَّه كان ياكلُ خبزَ الشعيرِ ويلبسُ
الصوفَ.
وسئلَ الحسنُ - رضي الله عنه -، عن رجل آتاهُ اللَهُ مالاً، فهو يحجُّ منه ويتصدق، ألَهُ أن يتنعمَ فيه منه؟
قال: لا، لو كانتْ له الدنيا ما كان له إلا الكفافُ.
ويقدِّمُ فضلَ ذلك ليومِ فقرِه وفاقتِهِ، إنَّما كان أصحابُ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ومنْ أخذَ عنهم من التابعينَ، ما آتاهم اللَّهُ من رزدقٍ أخذُوا منه الكفافَ، وقدموا فضلَ ذلك ليومِ فقرِهم وفاقتِهِم.
وقال ابنُ عمرَ لبعضِ ولده: لا تكن من الذين يجعلون ما أنعم الَلَّه عليهم في بطونِهِم وعلى ظهورهِم.
إشارةً إلى أنَّ المالَ لا ينفقُ كلُّه في شهواتِ النفوسِ، وإنْ كانتْ مباحةً.
بل يجعلُ صاحبُهُ منه نصيبًا لدارِه الباقيةَ، فإنه لا يبقَى له منه غيرُ ذلكَ.
وفي الجملةِ فالاقتصادُ في كلِّ الأمورِ حسن حتى في العبادةِ، ولهذا نهي
عن التشديدِ في العبادةِ على النفسِ، وأمر بالاقتصادِ فيها، وقالَ - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم هديًا قاصدًا، فإنَّ اللَهَ لا يملُّ حتَّى تملُّوا".
وفي "مسندِ البزَّارِ" عن حذيفةَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"ما أحسنَ القصدَ في الغِنى، وما أحسنَ القصدَ في الفقرِ، وما أحسنَ القصدَ في العبادةِ".