فمن ذلك: قولُ اللَّهِ تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) .
وقد ذكرَ غيرُ واحدٍ من الأئمةِ كـ مالكٍ والشافعيِّ: أنَّ هذه الآيةَ تدلُّ على
الصلواتِ الخمسِ، ورُوي معناه عن طائفةٍ من السلفِ:
فقال ابنُ عمرَ: دُلوكُ الشمسِ: مَيْلُها - يُشيرُ إلى صلاةِ الظهرِ حينئذٍ.
وعن ابنِ عباسٍ، قال: دُلوكُ الشمس: إذا جاءَ الليلُ.
وغسق الليلِ: اجتماعُ الليلِ وظلمتِهِ.
وقال قتادةُ: دُلوكُ الشمسِ: إذا زالتِ الشمسُ عن بطنِ السماءِ لصلاةِ
الظهرِ، وغسقُ الليلِ: بدءُ الليلِ صلاةُ المغربِ.
وقد قِيلَ: إنَّ اللَّهَ تعالى ذكرَ ثلاثةَ أوقاتٍ، لأن أصلَ الأوقاتِ ثلاثةً.
ولهذا تكونُ في حالةِ جوازِ الجمع بين الصلاتينِ ثلاثةً فقط، فدلوك الشمسِ:
وقتٌ لصلاةِ الظهر والعصر في الجملةِ، وغسقُ الليلِ: وقتٌ لصلاة المغربِ
والعشاءِ في الجملةِ، ثم ذكرَ وقتَ الفجرِ بقولِهِ: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) .
وقد ثبتَ في "الصحيحينِ " عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قالَ: "يجتمعُ ملائكةُ الليلِ وملائكةُ النهارِ في صلاةِ الفجرِ"
ثم يقولُ أبو هريرةَ: اقرءوا إن شئتُم: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا) .
وكذلكَ قولُهُ تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَي النَّهَارِ وَزلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) .
فقولُهُ: (طَرَفَي النَّهَارِ) ، يدخلُ فيه صلاةُ الفجرِ وصلاةُ العصر.