وروي عن زيدِ بنِ ثابتٍ، أنَّه نهى أن يُبْنَى عند قبرِ أبيه مسجدٌ.
خرَّجه حربٌ الكرْمانيُّ.
وقال أبو بكرٍ الأثرمُ في كتابِ "الناسخ والمنسوخ ": إنما كرهتِ الصلاةُ في
المقبرةِ للتشبهِ بأهلِ الكتابِ؛ لأنهم يتخذونَ قبورَ أنبيائِهِم وصالحِيهم مساجدَ.
ووجدنا في كتابٍ مصنفٍ على مذهبِ سفيان الثوريِّ: وإذا صلَّى الرجلُ
وبين يديه ميتٌ تنحَّى عنه.
إنما كره الصلاةَ إلى القبورِ من أجلِ الميتِ، فإنْ صلَّى إليها فلا بأسَ.
وفيه - أيضًا -: قال سفيانُ: ويكرهُ أن يصلِّي الرجلُ إلى القبورِ أو ما بينَ
القبورِ. ثم قالَ: ومن صلَّى إلى القبورِ فلا إعادةَ عليهِ.
وفيه: قال: ولا تعجبني الصلاةُ على الجنازةِ في المقبرةِ.
وهذا قولُ الشافعيِّ وإسحاقَ ورواية عن أحمدَ؛ لعمومِ النهيِّ عن الصلاةِ
في المقبرةِ.
واستدلَّ من رخَّصَ في صلاةِ الجنازةِ في المقبرةِ: بأنَّ الصلاةَ على القبرِ
جائزةٌ بالسنة الصحيحةِ، فعلم أنَّ الصلاةَ على الميتِ في القبورِ غير منهيٍّ
عنها.
[قالَ البخاريُّ] : ثنا محمد بنُ المثنى: ثنا يحيى، عن هشام: أخبرني
أبي، عن عائشة، أن أمَّ حبيبةَ وأم سلمةَ ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها
تصاويرُ، فذكرتا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:
"إن أولئك إذا كان فيهم الرجلُ الصالحُ فمات بنو على قبْر مسجدًا، وصوَّرُوا فيه تلك الصور، وأولئكِ شرارُ الخلقِ عندَ اللهِ يوم القيامةِ".