وخرَّج مسلمٌ في "صحيحهِ " من حديثِ روح بنِ عبادةَ، أنبأنا ابنُ
جريجٌ، أخبرني أبو الزبير أنه سمعَ جابرَ بنِ عبدِ اللَّهِ يُسألُ عن الورودِ.
فقالَ: نحنُ يومَ القيامةِ على كذا وكذا، انظرْ أي ذلك فوقَ الناسِ، قالَ:
فتُدْعى الأممُ بأوثانِها وما كانتْ تعبدُ: الأولُ فالأولُ، ثم يأتينا ربُّنا بعد ذلك، فيقولُ: من تنتظرونَ؟
فنقولُ: ننتظرُ ربنا، فيقولُ: أنا ربُّكم، فيقولونَ: حتى
ننظرَ إليكَ، فيتجلَّى لهُم ويضحكُ، فينطلقُ بهم فيتبعونَه، ويُعطى كلُّ إنسانٍ
منهم مؤمن أو منافق نورَهُ، ثم يتبعونَهُ وعلى جسرِ جهنَّم كلاليب وحسك
تأخذُ من شاء اللَّهُ، ثم يطفأ نورُ المنافقينَ ثم ينجُو المؤمنون، فينجُو أول زمرة
وجوهُهم كالقمرِ".
وذكر بقية الحديثِ، كذا أخرَّجَه مسلم عن عبدِ اللَّهِ بنِ سعيدٍ - وهو الأشجُّ - وإسحاقَ بنِ منصورٍ، وكلاهما عن روحٍ به.
وخرَّجه الإمامُ أحمد عن روحٍ به وزادَ فيه بعدَ قولِهِ:
"فيتجلَّى لهم يضحك " قال: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "فينطلقُ بهم فيتبعونَهُ "وساق الحديثَ فجعله من هذا الموضع مرفوعًا، وما قبلَهُ موقوفًا.
وقد روى محمدُ بنُ شرحبيلَ الصنعانيُ عن ابنِ جريجِ هذا الحديثَ، فرفعَ
أوله أيضًا وهو ذكرُ التجلِّي والضحكِ، ورواه عبدُ الرزاقِ عن رباح بنِ زيدٍ
عن ابنِ جريجٍ عن زيادِ بنِ سعدٍ عن أبي الزبير، عن جابر عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكر التجلِّي، وروى عنه الحديثَ كلَّه أيضًا بهذا الإسنادِ، هذا يدلُّ على أنَّ أولَ الحديثِ لم يكنْ عند ابنِ جريجٍ عن أبي الزبيرٍ مرفوعًا، وإنْ كانَ عنده كلُّه مرفوعًا عن زيادِ بنِ سعدٍ عن أبي الزبير، وكذلكَ رواه أبو قرةَ عن مالكٍ