الشهادةِ، ولكن الشأنَ في خشية اللَّه في الغيبِ إذا غابَ عن أعينِ الناسِ.
وقد مدحَ اللَّه من يخافهُ بالغيبِ قالَ تعالى: (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ) ، وقال: (مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) .
وقال تعالى: (لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ) .
وقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كبِيرٌ) .
وقد فُسِّر الغيبُ في هذه الآياتِ بالدنيا لأن أهلها في غيبٍ عمَّا وعِدُوا به
في الآخرة، وأما في هذا الحديثِ فلا يتأتَّى ذلكَ، كما ترى لمقابلتِهِ بالشهادةِ، كان بعضُ السلفِ يقول لإخوانِهِ: زهَّدنا اللَّه وإياكُم في الحرامِ زهادةَ من قدرَ عليهِ في الخلوةِ فعلِمَ أنَّ اللَّه يراهُ فتركَهُ.
ومن هذا قول بعضِهِم: ليسَ الخائفُ من بكى وعصر عينيه، إنَّما الخائفُ
من تركَ ما اشتَهى من الحرامِ إذا قدرَ عليه، ومن هنا عَظُمَ ثواب من أطاعَ
اللَّهَ، سرًّا بينه وبينه، ومن تركَ المحرماتِ التي يقدرُ عليها سرًّا.
فأمَّا الأولُ فمثلُ قولِهِ تعالى: (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) إلى قولهِ:
(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) .
قال بعض السلفِ: أخفوا للَّهِ العملَ فأخفى لهم الأجر.
وفي حديثِ السبعةِ الذين يظلهم اللَّه في ظلِّه يومَ لا ظلَّ إلا ظلُّه، "رجل
ذكر اللَّهَ خاليًا ففاضتْ عيناه، ورجل تصدَّقَ بصدقة، حتى لا تعلمَ شمالُهُ ما تنفق يمينُه ".
وفي الحديثِ: "إذا صلَّى العبدُ في العلانيةِ فأحسنَ وصلَّى في السرِّ فأحسنَ،