للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجابَ، فناج وهالِكٌ. قالَ: فدُعِيَ باسْمِي، فدخلتُ في الجسرِ فإذَا حدٌّ كحدِّ السيفِ يمورُ بي يمينًا وشِمالاً.

فأصبحَ الرجلُ أبيضَ الرأسِ واللحيةِ، ممَّا رأى.

سمعَ بعضُهم قائِلاً يقولُ شعرًا:

أمامِي موقفٌ قُدَّام ربِّي. . . يُسائِلُنِي وينكشفُ الغطاءُ

وحسْبِي أنْ أمرَّ على صراطٍ. . . كحدِّ السيفِ أسفلُه لَظاءُ

فغُشِي عليه.

قال الفُضيلُ لبِشرٍ: بلغَنِي أنَّ الصراطَ مسيرةَ خمسةَ عشرَ ألف فرسخ.

فانظرْ كيفَ تكونُ عليهِ.

قال بعضُ السلفِ: بلغَنا أنَّ الصراطَ يكونُ على بعضِ الناسِ أدقُّ مِنَ

الشعرِ، وعلَى بعضِهِم كالوادِي الواسع.

قال سهلٌ التستُريُّ: مَن دقَّ على الصراطِ في الدُّنيا عرضَ له في الآخرةِ

ومن عرضَ له في الدنيا الصراطُ دقُّ عليهِ في الآخرةِ.

والمعنى: أنَّ مَنْ صبَّر نفسَهُ على الاستقامةِ على الصراطِ ولم يعرجْ عنه يمنةً

ويسرةً، ولا كشفَ شيئًا من الستورِ المُرخاةِ على جانبيهِ - مما تهواهُ النفوسُ من الشهواتِ أو الشبهَاتِ - بلْ سارَ علَى متنِ الصراطِ المستقيم حتَّى أتَى ربَّه

وصبرَ على دِقَّةِ ذلكَ، عرضَ له الصراطُ في الآخرةِ.

ومن وسَّعَ على نفسهِ الصراطَ في الدُّنيا، فلم يستقمْ على جادَّتِهِ - بل كشفَ ستورَهُ المرخاةَ من جانبيهِ يمنةً ويسرةً، ودخلَ ممَّا شاءتْ نفسُه من الشهواتِ والشبهاتِ - دقُّ عليه الصراطُ في الآخرةِ، فكانَ عليه أدقَّ من الشَّعرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>